responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة إلى شبه الجزيرة العربية وإلى بلاد أخرى مجاورة لها المؤلف : كارستن نيبور    الجزء : 1  صفحة : 185

يستحسن أن يعرف كل أوروبي يسافر إلى الشرق، لغة البلاد معرفة سطحية كما و أن السفر بصورة مريحة يتطلّب استخدام خدم، جابوا البلاد من قبل. و عند انطلاقنا من القاهرة، لم نكن نعي جيدا هذا الأمر. فخادمنا الأوروبي، المولود في السويد، و الذي رافقنا من كوبنهاغن، لم يسبق له أن زار الشرق.

و طباخنا اليوناني، المولود في إحدى جزر الأرخبيل، لم يحب الصحراء من قبل علما أنه عمل عند تجار أوروبيين في القاهرة. و علاوة عنهما، كان يعمل في خدمتنا يهودي من صنعاء، عمره 26 سنة، قام برحلة مماثلة إلى بلاد مصر، فضلا عن بلاد الهند و بلاد فارس؛ و لكن المسلمين المسافرين برفقتنا احتقروه أشد احتقار. كان الطبيب غرامر ملزما بالتحدث مع مرافقينا المسلمين؛ و كم سرّ باصطحاب مترجم معنا؛ و هو يوناني الأصل، اضطر لاعتناق الإسلام بسبب سلوكه الشائن. تزودنا بكل ما يلزمنا للرحلة من مؤن و خيام و أسرّة. و الجدير ذكره أن عددا كبيرا من الرحالة، قدّموا لنا شرحا تفصيليا عن الأشياء اللازمة للرحلة في هذه البلاد، و هي بمعظمها مريحة للغاية، حتى أن الجيوش الأوروبية تستطيع استعمالها. كنا نحمل أواني مطبخية نحاسية، مقصدرة من الداخل و الخارج. أما الزبدة، فكانت موضوعة في ظرف من الجلد السميك، و استبدلنا بالطاولة قطعة جلدية مستديرة، زيّن طرفها بحلقات من حديد، نعلق فيها الطاولة بالحمل.

و وضعنا فنجاين القهوة في علبة خشبية مغطاة بالجلد و أخرى شبيهة بها، تحوي الشموع؛ و كان غطاؤنا مزودا بقسطل يوضع عليه الشمعدان. و كنا نحمل معنا علبة خشبية أخرى لها عدة أغطية و تضم و تحوي الملح و البهار و التوابل. و استبدلنا بالأواني الزجاجية أخرى نحاسية مقصدرة من الداخل و الخارج.

و كانت القناديل المصنوعة من النسيج الكتاني تطوى كالقناديل الورقية الصغيرة، التي يصنعها الأطفال في أوروبا. و كان كل واحد منا يملك إبريق ماء من الجلد السميك، يستعمله للشرب، و لم نكن نتوقع أن نصادف ينبوع ماء قبل بضعة أيام، فحرصنا بالتالي على مل‌ء المطرات المصنوعة من جلد الماعز، و إضافتها إلى المؤن؛ حتى أننا أخذنا معنا و عاءين من الحجارة، للتزود بالمياه خلال رحلتنا من السويس إلى جدة.

و وضعنا النبيذ في قوارير زجاجية، تتسع كل واحدة منها ل 20 قنينة؛ و لكنها تتكسر بسرعة إذا ما وقع الجمل، أو اصطدم بغيره. توضع جلود الحيوانات المخصصة لنقل المياه، في الخارج، بينما توضع تلك المخصصة لنقل النبيذ في الداخل؛ و هي مطلية جيدا بالزفت حتى لا يلتقط الكحول طعما سيئا. فإن كانت تبدو هذه الطريقة لحفظ المشروبات مقرفة، إلا أنها تحول دون تسرب النبيذ على الطريق، كما حصل معنا في بداية الرحلة. و نادرا ما يتزود الرحالة بالحطب أو الفحم؛ ففي الأماكن التي اعتادت القوافل أن تحط رحالها فيها، يكثر زبل الدواب التي تستعمل للتدفئة خاصة إن لم يتوافر الحطب أو الأشواك.

في 27 آب/ أغسطس 1762، سمعنا طلقة مدفع من قصر القاهرة؛ هذا يعني أن القافلة الكبيرة قد بعثت رسولا لتحديد الوقت الذي سيعود فيه الحجاج إلى بركة الحاج، حتى يتمكن كل من يريد مقابلة أصدقائه أن يوافيهم إلى هناك. و يمكننا الاستنتاج بالتالي أن عرب الطور كانوا مطمئنين إلى أن قافلتنا

اسم الکتاب : رحلة إلى شبه الجزيرة العربية وإلى بلاد أخرى مجاورة لها المؤلف : كارستن نيبور    الجزء : 1  صفحة : 185
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست