اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 71
مروج خضر و سواق، بنيت عليها قناطر صغيرة من المرمر أو الحجارة، و يضعون في هذه الحدائق غالبا أنعاما و أظباء، و في عدّة منها أنشئت مبان جميلة، و غرست بساتين نضرة، و هناك يجتمع من سكان المدينة جماعات في كل يوم أحد.
و ما حول دبلن من الأرضين و القرى فيها جمال و فتون و هو يفوق في ذلك، ما حول لندن، و على مسافة عدّة أميال من دبلن، يرى الإنسان، في الطريق، جمهرة من المزارع و أحوية [1] من منازل الريف، يقضي فيها الأغنياء فصل الصيف، و أبهى و أبهج موضع رأيته في حياتي هو «حديقة فونيكس» فباستثناء الجمال الّذي و صفته و أضفته للحدائق عموما تحتوي هذه الحديقة عدّة مبان من الحجارة المهندمة و يشقها نهر دبلن، بضفتيه الخضرتين، و قناطره الرشيقة المقنطرة بين مسافة و أخرى، و يرى الرائي هناك أيضا تلألأ، يغطيها الثلج من جانب، في الشتاء، على حين يبقي الجانب الآخر خضرا نضرا، فيحدث من ذلك تناقض مستحسن جدا، و عند رؤيتي هذا الموضع ذا النعيم المقيم علمت لماذا كان الإنكليز [2] الّذين لاقيتهم في الهند يتأسفون على وطنهم الأصلي.
ينبغي للإنسان أن يتنزه بالقرب من دبلن على ساحل البحر فإنّه يتمتع بمنظر يمثل الفخامة، لأنّ عددا كبيرا من السفن في الميناء، و على طول الضفة في مسافة عدّة أميال لا يرى الرائي إلّا منازل من الخشب مركبة على عجلات، و مخصصة باستعمال المستحمين، و تجرها البقر في البحر فإذا كانت منه على مسافة لائقة فتح باب أفقي فيها، يستحم منه المستحم كما يشاء.
و أعجب مأثرة مجسمة في المدينة برج مبني على مسافة ميلين داخل البحر، و موصول بالساحل برصيف عرضه أربعون مخصرة، يوقد عليه في كل ليلة مصباح كبير و كثير من المناور لأضاءة السفن [3] الّتي لولا هذه
[1] الأحوية جمع حواء على وزن كتاب و هو مجموعة الدور.
[2] نسى الرحالة أنّه يصف بلاد إيرلندا لا بلاد إنكلترا موطن الإنكليز الأصلي. (المترجم).