responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 285

من كل اعتداء، و في داخل السور بساتين واسعة و كروم و نخيل و تسقى كلها بنهر يتصل بدجلة، و عامّة الدور مبنية بالرهص بشكل مخالف للمعتاد جدا فهي تشبه الأكواخ، و لما كان المناخ شديد الحرارة و المدينة تحيط بها بطائح صار الهواء وبيلا، و بالأشهر الأربعة من الفصل الماطر يفيض النهر و يغمر المزارع و الحقول، و حينئذ يفتح العرب مجاري عميقة لإرواء الصحراء و لكن دجلة [1] في جزرها تترك في باطن المجاري مياها مستطيلة راكدة يحدث تصاعد أبخرتها الطاعون أو أمراضا ليست أقلّ منه إضرارا، و العرب يسمون هذا الفصل «ماء الموج» أي فيضان الماء. و سكان البصرة قلقون دائما من العرب الجوّالين الرحالين و قد التزموا أن يؤدّوا نصف غلات أرضهم إلى قبيلة «المنتفك‌ [2]» الّتي وعدت أن تدافع عنهم أعداءهم، و مع هذا الاتفاق يهجم العرب غالبا على المدينة باللّيل و ينهبون جميع ما تقع عليه أيديهم. و قد شيد «عبد اللّه أغا» حاكم المدينة في الزمن الأقرب سورا عليها من جهة الصحراء، طويلا يمتد ستة عشر فرسخا، و يحفظ أبوابه حراس متيقظون، و هذا الرجل لم يهمل قط شيئا لسعادة النّاس و عرف كيفية استحقاقه لتعلّقهم به و مودّتهم إيّاه.

إنّ قبر طلحة و قبر الزبير الصاحبين من أصحاب النبي 6 على ثمانية أميال من البصرة، و لم أجرؤ على زيارتهما، لأنّ كثيرا من الوهابيين و العرب يطوفون حول البلدة. و بعد اثني عشر يوما علم القنصل البريطاني أنّي لم يصبني وباء و لا طاعون مجّدني بأن دعاني إلى داره، و إنّما نلت هذه الرعاية بكتاب من اللورد و أوامر من مجلس المديرين‌ [3] توجب على المستر مانستي أن يقوم لي بجميع أشغالي الّتي تتعلق به، و لكن سيرته أحنقتني فرجوت منه أن يحصل لي على موضع في أوّل سفينة تبحر إلى بومباي حسب و لكنّه لم يفعل حتّى هذا الجميل، فهذا الرجل الفاضل الّذي يمثل شركة الهند بالبصرة يعدّ عند سكانها رجلا ذا مكانة عالية، و منهم من يفرط في تملقه، فهو جدّ مفترّ مزهو بحيث صدمه تصريحي، و أراد غمي و إهانتي،


[1] قلنا: إنّ النهر شط العرب لا دجلة وحدها. (المترجم).

[2] تقدّم ذكرها في الرحلة. (المترجم).

[3] أراد أبو طالب «مديري شركة الهند» في إنكلترا.

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 285
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست