responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 248

الدخول في صحراء غير مسكونة كان يجب علينا أن ندع لحوذيي العربات و الجمالين الوقت الضروري لتعبئة أثقالهم و أحمالهم. و كان على التقريب كل الكرد الّذين أتيحت لي فرصة لقائهم يفهمون الفارسية، و قد اعتقدوا أنّي أحد وطنييهم‌ [1] و قد عاملوني بلطف و رعاية، و المسافة الّتي قطعناها في هذين اليومين تعد جزءا من الصحراء، و مع هذا فمن القسطنطينية إلى هذا الموضع لا يجد المسافر موضعا أكثر سكانا و أغزر مياها منه، و كل البلاد الّتي تمتد من نصيبين إلى الموصل و قد صورها لي تصويرها رهيبا، كانت بالعكس قد احتوت على كل ما يجعل السفر مستحبا مستحسنا. و الأرض من القسطنطينية إلى نصيبين جبلية و كان علينا أن نصعد و أن ننزل بغير انقطاع، و لم نر سهلا واحدا مساحته اثنا عشر ميلا. فالصحراء بالضد من ذلك مبسوطة كل البسط و تشبه الأرضين الفارسية و الهندية، و الماء فيها قليل بلا شك، و مع هذا كنّا نجد بعد مسيرة كل خمسة أميال إلى عشرة أميال جدولا يجب عبوره، و ينبغي أن يعلم أنّنا كنّا إذ ذاك في أكثر فصول السنة ملاءمة للمسافر ففي أوقات الحرارة تستنفد هذه الصحراء قوى السائح فيها الّذي لا يأمل وجود ملجأ من حرارة الشّمس، و مع أنّ هذه الأرض محادّة لسوريا و جزيرة العرب اللتين تكثر فيها الغابات، و أحيانا المراعي المربعة لا يجد الإنسان في كل هذه المساحة شجيرة و لو ضعيفة و السكان مضطرون أن يطبخوا طعامهم و يتدفؤوا في الشتاء بالسّرقين المجفّف الّذي تروثه ماشيتهم أو بخشب أو بفحم يجلبونه بأثمان غالية من البلاد المجاورة لهم، و هذا العدم يجعلهم جدّ مقتصدين في خشب اصطلائهم، فلذلك يقاسون كثيرا من الأذى في الشتاء كالأذى الّذي يكابدونه بالصيف من الحرارة الشديدة. و في تلك الصحراء عدّة قرى متفرقة هنا و هناك، و المنازل و المواضع الّتي يقيم فيها الرؤساء مؤرفة [2] بخنادق أو تلال.


[1] الوطني من يسكن في الوطن كالبلدي من يسكن في البلد، و لا يؤدّي المواطن هذا المعنى لأنّه يدلّ على أنّه لم يكن من أهل الوطن. (المترجم).

[2] المؤرفة ذات الأرف بوزن الغرف و الواحدة «أرفة» كغرفة و هي معلم الحد بين الأرضين.

(المترجم).

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 248
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست