responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 238

و لكني لتوقاني إلى معرفة هذا القسم من العالم فضلا عن توجهي إلى وطني شرعت فيه بسرور و حبور. و باللّيلة الأولى بتنا في «كيزا» و هي على مسافة اثني عشر فرسخا من أسكدار و لم تقطع القوافل هذه المسافة بأقل من اثنتي عشرة ساعة، فإنّه يندر أن تسير أكثر من فرسخ واحد في الساعة الواحدة، و الفرسخ يساوي «كوسين» هنديين أي أربعة أميال إنكليزية. و في الغد وصلنا إلى «أزموت» الّتي يتلفظها الأوروبيون بصورة «أزموز» و هي مدينة قديمة الزمان جدا و واسعة و على مسافة ستة و ثلاثين ميلا من كيزا، و غالب سكانها نصارى، و في أسواقها كل نوع من المأكولات و بضاعات أخرى.

و في اليوم الثامن من شعبان (سنة 1218 ه) ركبنا الخيل فجرا و بعد أن قطعنا ثمانية و عشرين ميلا توقفنا لتناول شي‌ء من المبردات و لتبديل الخيل في قرية زرية المظهر جدا تسمّى «تبانجه» و من هناك سرنا أربعين ميلا أخرى قبل أن نصل إلى «خندك»: قرية جميلة يشتقها نهر سريع الجرية، و قد بدا لي سكانها على قدر صالح من المدنيّة، و قضيت فيها ليلة حسنة و لكن المناخ تحوّل إلى برودة قارسة، و قد أصابتنا عدّة شآبيب من البرد، و حدث جمود قليل، و مع هذا فقد واصلنا السفر في التاسع من مارت «آذار» فجرا، و بعد أن استبدلنا بخيلنا خيلا مراحة في «دوزجه» وصلنا في نحو الزوال إلى «بيلي»، و كانت مسافة ذلك النّهار ستة و تسعين ميلا، و كان علينا في آخرها أن نتوقل في جبل طويل يبلغ طوله عشرين ميلا، و كان الطريق فيه ضيّقا و متعرجا ذكّرني المدراج الضيقة الّتي يسلكها النمل فوق تلعة من تلاع الأرض، و كان البرد قارسا يومذاك و قد تلفّفت بالفراء حتّى كنت لا أكاد أسير، فضلا عن أنّ الظلام كان شديدا، و لما انحدرنا من آخر الجبل استسلمت للقدر الإلهي، فلو كبت فرسي أو حادت ست أصابع فقط عن الثنيّة الضيقة الّتي كنّا سالكيها، لتقطّعت من غير شك ألف قطعة، فدليلي إذن قد ارتكب تهوّرا كبيرا باتخاذه هذه المسيرة الخطيرة في فصل غير ملائم جدا، و أنا أوصي بإلحاح المسافرين ممّن يسلكون هذا الطريق أن يقضوا اللّيل في «دوزجه» و لا يعادوا السير إلّا فجر النّهار، و ينبغي لي أن أعلمهم بأن سكان هذه القرية هم في عداد اللصوص و القتلة.

و في العاشر من آذار قربنا من قرية «قره داغ» على مسافة أربعين ميلا

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 238
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست