responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 236

و لا أحسبني أوفي على النهاية إن أردت أن أذكر تعداد المكايد المخزية الّتي كادني بها هذا الإنسان التاعس الشقي في أثناء الطريق، و أجتزئ بأن أذكر هنا ذروا من سيرته معي، و أوّل كيده أنّه أظهر من الجراءة ما جرّأه على أن استحوذ على مبلغ النفقات المذكورة آنفا، و في كل هذه السفرة لم يكد ينفق مائة قرش على شؤوني، و ثانيه أنّه لم يؤدني إلى دور البواشية و لا دور الولاة بل رأى من اللائق أن يحبسني منذ الأيّام الأولى من السفر في دور البريد، فقاسيت فيها من أذى البراغيث و الفسافس الشديد ما منعني الغمض طول اللّيالي، و لما سألته لماذا لا يؤديني إلى دور الولاة بحسب ما تلقى من الأوامر؟ لجأ في الاعتذار من تقصيره إلى أفحش الأكاذيب، و مرّت ثلاثة أيّام أو أربعة على هذا النحو، و قد عرفت حقيقة هذا الشقي، فصمّمت على أن أذهب أنا بنفسي إلى دور البواشية أو الولاة و كان يكفيني أن أعرض عليهم فرمان السلطان الّذي كان معي، ليجيزوا لي الدخول في دورهم، و يعاملوني أجل المعاملة و ألطفها، و في الأخير أقول إنّه كان يجبرني بحسب هواه أو بحسب ما يناسبه أن أسير إمّا مرحلة بريدية واحدة و إمّا ثلاثا أو أربعا طوالا في يوم واحد، بخلاف التعليمات الّتي معه و السبب في سيرته هذه سرّي، و كان يتحرز من التوقف في المدن الّتي يقيم فيها البواشية و ذلك لإرغامي على قضاء اللّيالي في دور البريد، حيث يتزوّد كل ما يلائم ذوقه مجانا بمجرد عرضه أجوزتي، و في أثناء طريقنا لاقينا قافلة فأجبرني على أن أقيم عدّة أيّام مع هؤلاء المسافرين‌ [1] بحجّة أنّ الطريق يقطعه اللصوص الشطار. و موجز القول إنّ سيرته معي كانت جد شنيعة و جدّ جافية بحيث كان نظري إليه وحده لا يطاق، و لما وصلت إلى ديار بكر [2] رجوت من حاكمها «أحمد أفندي» أن يعدّ لي دليلا آخر، فوافق هذا السيّد على رجائي برعاية و أمر أحد خدمه أن يصحبني إلى ماردين، و من هناك سرت في حماية أحد اتباع «عبد اللّه أغا» حتّى الموصل و منها توجهت إلى بغداد، مصحبا بخادم من خدم محمّد باشا [3]. و مع إذني لدليلي الأوّل علي المهمندار اللص الخبيث‌


[1] قلت: الظاهر أنّه كان يخاف على المال الّذي احتجنه من النفقات من أن يسطو عليه الحرامية.

(المترجم).

[2] يعني مدينة آمد العتيقة. (المترجم).

[3] هو محمّد بن أمين باشا الجليلي الموصلي ذكر الشيخ ياسين العمري أنّه ولد سنة 1170 ه،

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 236
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست