responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 217

و القسطنطينية كلندن تحتوي على ثلاث مدن متميزة أولاها الّتي يقيم فيها السفراء النصارى، و هي بإزاء الميناء و تسمّى «غلطة» و إلى هناك صرت عند نزولي من السفينة لتقديم احترامي إلى اللورد «إيلكن» و قد استقبلني استقبالا بالغ المودّة لأنّي خاللت أخاه المستر «بروس‌ [1]» عدّة سنين، و هو من سلالة مشهورة و قائم بحق منصبه «السفارة» ببراعة، و سلطته واسعة جدا.

فالقناصلة و الإنكليز على اختلاف حرفهم المقيمون في تركيا خاضعون لحكمه. و السيّدة إيلكن زوجه متحلية بعادات لطيفة و لها وجه حسن، ورقة ساحرة و عقل حيّ جدا و آراء محكمة، قد كملتها بالدراسة العلمية و السياحية، و في أثناء إقامتي بالقسطنطينية كنت أزجي أكثر أوقاتي في مجلس هؤلاء الإنكليز المتحببين.

إنّ المنزل الّذي أعدّته سيادته لي كان قريبا من منزله، و هو منزل جليل بنظافته و نفاسة أثاثه، و قد و كلّ بخدمتي أربع نساء يونانيات مملوكات جميلات، فساعدنني كثيرا على نسيان ضجري و سآمتي من الرحلة.

و أكبر مدن القسطنطينية الثلاث هي الّتي يسكنها السلطان و الأشراف و المسلمون الأغنياء و تسمّى «استانبول». و الثانية مقامة بإزاء الميناء و تسمّى «غلطة» و أغلب سكانها نصارى، فإن سكن فيها مسلم غرس بإزاء داره سروة ليبين أنّ الدار لمؤمن، و ليس للنصارى حق في غرس هذا النوع من الأشجار، و إذا سار الإنسان حول الميناء استطاع الذهاب برا من غلطة إلى استانبول، و لكن الطريق ردي‌ء جدا. و المدينة الثالثة هي بالجانب الآخر من المضيق على ساحل آسيا و تسمّى «أسكدار» و لا يوصل إليها إلّا في الماء.

إنّ القسطنطينية لوقوعها على أرض متعادية تظر للرائي من المضيق منظمة و جميلة، و قبل مغادرتي السفينة حسبتها على عظم غير متناه، و لكن حسباني كان و هما منذ دخولي في شوارعها، و المناخ فيها بارد في الغالب،


[1] هو توماس بروس كونت ألكن سياسي و سائح إنكليزي ولد في نيقوسيا و توفي بباريس 1766- 1841 م و قد هدم المأثرة اليونانية «الاكرويول» ليستخرج منها مجموعة نفيسة من المرمر و هي الّتي تشكل «البارثنون» في لندن الماثل في المتحفة البريطانية و تعرف بمرمر إيلكن، و جعل سفيرا لإنكلترا في القسطنطينية من سنة 1799 م إلى سنة 1802 م. (المترجم).

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 217
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست