responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 190

على تأدية ذلك بالتعريض، و هم لا يملّون من دلالتك على طريقك، و لا من إيضاح أمر لك و لا يتعبون، و يعدّون هذه المجاملة علامة التهذيب الحسن.

إنّك تستطيع أن تزور فرنسيّا في أيّ وقت تشاء، و تحكي له مرّتين متواليتين حكاية واحدة بعينها فيصغي إليك، من غير أن يظهر لك أي أمارة للسآمة، فما أكثر فواق الفرنسيين في هذا الأمر على الإنكليز العابسين المكتثبين! و حينما كنت أتغدّى في فرنسا بأيّ فندق كان يستحوذ عليّ العجب غالبا من السرعة الّتي تظهر في تسامح الأكلاء في رداءة الألوان، و أردأ أنواع النبيذ الّتي تقدّم لهم، فإذا شكوت فإنّ الخدم ينصبون أعظم النصب لإقناعي بأن يجب أن لا يلام قيّم الفندق على ذلك (كذا).

و يظهر السرور على وجوه الفرنسيين دائما، فإذا تغذّوا خرجوا يتنزهون حتّى منتصف اللّيل في الحدائق، و في المواضع العامّة الأخرى، و لهم أن يدخلوا في أكثر هذه المواضع الّتي يجتزئ أصحابها بربح يسير يستربحونه من مقاهيهم أو ثلجهم أو غير ذلك، أمّا الأوبرا و دور المشاهدة الأخرى فأجرة الدخول فيها أقل منها في لندن بأربع مرّات، و قد لاحظت في الفرنسيين أحيانا بلادة خاصّة، أذكر منها مثالين أو ثلاثة، ففي لندن إذا أردت التصبّح‌ [1] في مقهاة فالخادم يأتيك بما تحتاج إليه بمرّة واحدة، و لكن الفرنسيين في باريس يقدمون إليك القهوة أوّلا فالسكّر فالزّبد، و قبل أن يتهيأ التصبّح ينبغي أن يدور الخادم زهاء ست دورات حول منضدة المتصبّح.

و المثال الثاني أنّ الحلاق الّذي كان يحلق لي بباريس كان يأتي معه اعتيادا بمركن‌ [2] واسع من الصفر و منديل من الكتّان يشبه مناديل الأكياس الّتي تأكل فيها الخيل‌ [3] في بلاد الهند و يعلق هذا المنديل تحت ذقني فيصب ماء في المركن و بعد أن يجعله يزبد مع الصابون، يلطخ به وجهي و عنقي و صدري، و يبل عضدي حتّى المرفقين، و لا يبدأ بالحلق إلّا بعد هذه الحفلة، و قد استولت عليّ السآمة من هذه الطريقة الّتي كان فيها ما ذكرت‌


[1] التصبّح هو أكل طعام الصبح و قد تقدّم. و المصبّح هو الّذي يعده.

[2] المركن بوزن المنبر ما يعرف عند العامّة ببغداد باللكن و هو من النحاس في عصرنا.

(المترجم).

[3] أراد المخالي جمع المخلاة. (م).

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 190
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست