responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 160

و قد ادّعوا أنّ الإنسان إذا نام متجردا. في التقريب، كان ذلك أدعى إلى راحته.

فاحتججت أنا قائلا لا بل أن يفجأني حادث أستطع في الحال أن أعدو لو كنت في سفينة إلى سطحها أو أقفز إلى قارب، على حين أنّهم يكونون في مثل تلك اللحظة مهتمين بارتداء ملابسهم، أضيف إلى ذلك أنّ هذا سبري‌ [1] الّذي هو أقرب إلى الأدب. فقالوا: إنّ الحوادث الفاجئة نادرة، فإن وقعت فهم لا يترددون في أن يخرجوا إلى قنطرة السفينة ما عليهم إلّا قمصانهم، فهذا ضرب من عنادهم الغريب. و قد عيب عليّ بلندن تفرّد عادات من عادات المسلمين، مثال ذلك أنّهم استهزؤوا بالاحتفال الّذي يأتيه الحجاج عند وصولهم إلى مكّة، فقلت لهم: ما السبب في أنّ الطفل في أوروبا تعتمد سلامته بالضرورة على التعميد الّذي يقوم به القسّ؟. و نعّوا عليّ إنّنا نأكل بأيدينا المجرّدة، فقلت لهم: إنّا نفعل ذلك لكيلا نجرح أنفسنا أو من يجلس إلى جانبنا و قد جاء في الأمثال القديمة «كلّما قرب الإنسان من العظم ازداد قربا من اللحم الجيّد» ثمّ إنّ هذه الأيدي أنظف من رجلي شاب خبّاز، فمن المتعالم المتعارف أن نصف ما يأكله اللندنيون من الخبز يعجن بالأرجل، و هذه الطريقة في الدفاع عن نفسي الجأت خصومي إلى السكوت و جعلتهم في الغالب ضحكة الضاحكين‌ [2].

و ليس بين الأمم، إن صح قولي، أمّة لا يزنّها الإنكليز بالمعاب سوى الأمّة الفرنسية، و هو الّذي نعيته عليهم فقد رأينا في أثناء الحرب الضروس كل الضراسة عددا لا حد له من الإنكليز يقلدون سبر الفرنسيين و ترّهاتهم حتّى رذائلهم، و كان ذلك بأحمق الطرائق و أغربها.

و ليس بين الإنكليز إلّا ناس قليلون صارحون يسلّمون وجود جميع هذه العيوب و تفاقمها فأكثرهم بالعكس يشبهون المدّخنين ببزر القنب في تركيا، فإذا ذكرهم مذكر بفضائل أجدادهم الّذين أصبح أبناؤهم هؤلاء سبة عليهم اغتاظوا و اعتصموا بهذه الحقيقة المبتذلة «ليس بين الأمم أمّة خليّة من‌


[1] السبر بكسر السين: الهيأة، يقال: فلان حسن الخبر و السبر إذا كان جميلا حسن الهيأة (مختار الصحاح) و قد استعملنا السبر للمودّة.

[2] سيذكر أبا طالب للإنكليزيات عيب استخدام الخدم الصباح الوجوه، مع أنّ ذلك الاستخدام يحدث الفساد في الأسر، و لم يعلم أبو طالب أنّ ذلك من مآرب الإنكليزيات. (المترجم).

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 160
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست