responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 146

محكمّون، و كل من هذه الجماعات القضائية مؤلفة من اثني عشر ساكنا محترما من سكان المدينة الّتي هم فيها، و هم يدعون إلى حضور مجلس القضاء من غير علم سابق لهم بالأمر المتنازع فيه، فإذا حضروا مجلس القضاء من غير انتفاع و لا اغتراض سابق حلفوا بأنّهم سيقضون على حسب ما تأمرهم به ضمائرهم، و من الواجب عليهم أن يهتموا أكبر اهتمام بجميع أمور الدعوى و لا سيّما امتحان شهود الاتهام و شهود الدفاع، فيقررون تجريم المتهم أو براءته فإن أصفقت آراؤهم على حكم أصدر القاضي حكمه في القضية، و إن اختلفوا، انتقلوا إلى ردهة أخرى و لبثوا فيها حتّى يصدروا عن قرار. و هذه المؤسسة القضائية هي كما قيل «باللا يوم الحرية» أي حرز أمان الحرية الّذي يفتخر به الإنكليز، و لكنّها لا تظهر لي خليّة من النواقص.

فالقاضي و هو رجل من الأماثل يحدث في نفوس المحلّفين. في الغالب، احتراما لنفسه بحيث إذا كان مائلا إلى إصدار حكم جائر فإنّه يستطيع بتأويل خادع للقانون أن يوجه آراءهم كما يشاء. و قد رأيت القاضي كثيرا ما يدقق النظر في أقضية المحلّفين و يعيدها مرّتين أو ثلاثا إليهم لتعديلها. و يستطيع من جهة أخرى أن يرعبهم بتهديده إيّاهم و ذلك بحجزهم بلا طعام، على حين أنّ الوكلاء ينصرفون إلى دورهم، و يظهر لي على حسب ما ذكرت أنّ الحكم تابع في كل الأحوال للقاضي أكثر من تباعته للمحلّفين.

و للقضاء الإنكليز إعفاء جدا، لا شك في ذلك، و إذ كان غناهم يجعلهم مستقلين كان أغلب الظن أنّهم لا يتجرون بضمائرهم، و لكن القوانين الإنكليزية غامضة، و لذلك يجتهد الوكلاء في فرص كثيرة جدّ متناقضة (و دخلهم يأتيهم بخصيصي من الأجور الّتي يتسلمونها من أصحاب الدعاوي) أن يغيّروا في دعاواهم الأقضية، و يحصلوا من القاضي على تأخير لا نهاية له للأحكام، و على هذا لا يكون مستغربا أن تدوم دعاوى في القضاء خمس عشرة سنة أو عشرين، فتفنى أموال المتحاكمين معا، و في أحوال أخرى يجيز القضاة للوكلاء أن يفتنوا الشهود أو يخوفوهم حتّى ليكونوا متعذرا على كل شخص منهم غير خبير بالخصومات أن يصرّح بقول على حسب ما في ضميره. و في هذه المجالس القضائية كثيرا ما يضحى بالعدل باسم القانون، و بالرجل المستقيم للمحتال البارع في الاحتيال، و هاهنا موضع تصريحي بحرية برأبي‌

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 146
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست