responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دروس في علم الأصول المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 65

الاعتيادية بين النار و الحرارة أو بين طلوع الشمس و الضوء، فكما ان النار تؤدي إلى الحرارة و طلوع الشمس يؤدي إلى الضوء، كذلك تصور اللفظ يؤدي إلى تصور المعنى و لأجل هذا يمكن القول بان تصور اللفظ سبب لتصور المعنى كما تكون النار سببا للحرارة و طلوع الشمس سببا للضوء، غير ان علاقة السببية بين تصور اللفظ و تصور المعنى مجالها الذهن، لأن تصور اللفظ و المعنى انما يوجد في الذهن، و علاقة السببية بين النار و الحرارة أو بين طلوع الشمس و الضوء مجالها العالم الخارجي.

و السؤال الأساسي بشأن هذه العلاقة التي توجد في اللغة بين اللفظ و المعنى هو السؤال عن مصدر هذه العلاقة و كيفية تكونها، فكيف تكونت علاقة السببية بين اللفظ و المعنى؟ و كيف أَصبح تصور اللفظ سببا لتصور المعنى مع أَن اللفظ و المعنى شيئان مختلفان كل الاختلاف؟ و يذكر في علم الأصول عادة اتجاهان في الجواب على هذا السؤال الأساسي، يقوم الاتجاه الأول على أَساس الاعتقاد بأن علاقة اللفظ بالمعنى نابعة من طبيعة اللفظ ذاته كما نبعت علاقة النار بالحرارة من طبيعة النار ذاتها، فلفظ «الماء» مثلا له بحكم طبيعته علاقة بالمعنى الخاصّ الّذي نفهمه منه، و لأجل هذا يؤكد هذا الاتجاه أَن دلالة اللفظ على المعنى ذاتية و ليست مكتسبة من أَي سبب خارجي. و يعجز هذا الاتجاه عن تفسير الموقف تفسيرا شاملا، لأن دلالة اللفظ على المعنى و علاقته به إذا كانت ذاتية و غير نابعة من أَي سبب خارجي و كان اللفظ بطبيعته يدفع الذهن البشري إلى تصور معناه فلما ذا يعجز غير العربي عن الانتقال إلى تصور معنى كلمة «الماء» عند تصوره للكلمة؟ و لما ذا يحتاج إلى تعلم اللغة العربية لكي ينتقل ذهنه إلى المعنى عند سماع الكلمة العربية و تصورها؟ ان هذا دليل على أَن العلاقة التي تقوم في ذهننا بين تصور اللفظ و تصور المعنى ليست نابعة من طبيعة اللفظ بل من سبب آخر يتطلب الحصول عليه إلى تعلم اللغة، فالدلالة إِذن ليست ذاتية.

اسم الکتاب : دروس في علم الأصول المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 65
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست