تصوّرنا اللفظ انتقل ذهننا فورا إلى تصور المعنى. هذا الاقتران بين تصور اللفظ و تصور المعنى و انتقال الذهن من أحدهما إلى الآخر هو ما نطلق عليه اسم «الدلالة»، فحين نقول: «كلمة الماء تدلّ على السائل الخاص» نريد بذلك أن تصوّر كلمة الماء يؤدّي إلى تصوّر ذلك السائل الخاص، و يسمّى اللفظ «دالا» و المعنى «مدلولا».
و على هذا الأساس نعرف أن العلاقة بين تصور اللفظ و تصور المعنى تشابه إلى درجة ما العلاقة التي نشاهدها في حياتنا الاعتيادية بين النار و الحرارة أو بين طلوع الشمس و الضوء، فكما أن النار تؤدّي إلى الحرارة و طلوع الشمس يؤدّي إلى الضوء كذلك تصور اللفظ يؤدّي إلى تصور المعنى. و لأجل هذا يمكن القول بأن تصوّر اللفظ سبب لتصور المعنى كما تكون النار سببا للحرارة و طلوع الشمس سببا للضوء. غير أن علاقة السببية بين تصور اللفظ و تصوّر المعنى مجالها الذهن لأنّ تصور المعنى من اللفظ إنما يوجد في الذهن، و علاقة السببية بين النار و الحرارة أو بين طلوع الشمس و الضوء مجالها العالم الخارجي.
و السؤال الأساسي بشأن هذه العلاقة التي توجد في اللغة بين اللفظ و المعنى هو عن مصدر هذه العلاقة و كيفية تكونها. فكيف تكوّنت علاقة السببية بين اللفظ و المعنى؟ و كيف أصبح تصور اللفظ
- اللفظ تتبادر أذهانهم إلى معناه، و إلّا لا يكون هناك وضع، و لذلك قالوا بأنّ التبادر علامة الوضع، فافهم.