- و الآخر ان الوضوء واجب شرعا لأنه مقدّمة للواجب، و مقدّمة الواجب واجبة شرعا (1). فهناك إذن واجبان شرعيان على المكلّف: أحدهما الصلاة و الآخر الوضوء بوصفه مقدّمة للصلاة.
و يسمّى الأوّل «الواجب النفسي» لأنه واجب لأجل نفسه، و يسمّى الثاني «الواجب الغيري» لأنه واجب لأجل غيره، أي لأجل ذي المقدّمة و هو الصلاة. (و هذا) التفسير الثاني أخذ به جماعة من الأصوليين إيمانا منهم بقيام علاقة تلازم بين وجوب الشيء و وجوب مقدّمته [شرعا]، فكلّما حكم الشارع بوجوب فعل حكم عقيب ذلك مباشرة بوجوب مقدّماته.
و يمكن الاعتراض على هذا التفسير الثاني بأنّ حكم الشارع بوجوب المقدّمة في هذه الحالة لا فائدة فيه و لا موجب له، لأنه إن أراد به إلزام المكلّف بالمقدّمة فهذا حاصل بدون حاجة إلى حكمه بوجوبها، إذ بعد أن وجب الفعل المتوقف عليها يدرك العقل مسئولية المكلف من هذه الناحية. و إن أراد الشارع بذلك مطلبا آخر دعاه إلى الحكم بوجوب المقدّمة فلا نتعقله. و على هذا الاساس يعتبر حكم الشارع بوجوب المقدّمة لغوا فيستحيل ثبوته، فضلا عن أن يكون ضروري الثبوت كما يدّعيه القائل بالتلازم بين وجوب الشيء و وجوب مقدّمته [شرعا].