اسم الکتاب : دروس في أصول الفقه(الحلقة الثانية) المؤلف : الأشكناني، محمد حسين الجزء : 1 صفحة : 288
مجعولا للقطع أي ليست بجعل جاعل و لا بتشريع مشرع كما أن الزوجية ثابتة للأربعة، فالزوجية أثر تكويني للأربعة و ليست جعلية عن طريق تشريع الشارع.
و بعبارة أخرى: تكون المحركية لازما ذاتيا للقطع كما أن الزوجية لازم ذاتي للأربعة، و هكذا يتبين أن القطع له المحركية بحيث يستحيل تخلفها عنه.
و تكون المحركية نحو ما يوافق الغرض الشخصي التكويني للقاطع، فالإنسان إذا قطع بشيء و انكشف له فإنه يتحرك باتجاه هذا الشيء لتحصيل غرضه الشخصي منه، فالمحركية تقوم على القطع و الغرض، لذلك قلنا إن القطع يساهم في التحريك لأنه ليس هو السبب الوحيد، بل يوجد سبب آخر هو الغرض و الحاجة، إذن فسبب المحركية مركب من أمرين: القطع و الغرض.
مثال: العطشان في الصحراء يرى سرابا من بعيد و يقطع بأنه ماء، فيتحرك نحو تلك الجهة لتحصيل الماء، فهو باعتقاده أنه يوجد ماء في تلك الجهة، فيتجه إليها طلبا للماء، و هنا توجد حركة بسبب القطع و الكاشفية، و المحرك له هو الغرض الشخصي و هو الحصول على الماء، و المكمل [1] لمحركية الغرض أمران هما: قطعه بوجود الماء في تلك الجهة، و قطعه بإمكان استيفاء
و يرغب بالحصول على غرضه، و الرغبة أمر نفسي، و لكنه مقتض للمحركية الخارجية، فإن القاطع يتحرك في الخارج إذا لم يوجد مانع خارجي يمنعه عن الوصول إلى غرضه، و بهذا التفصيل يمكن الجمع بين كون القطع علة للمحركية من جهة، و مقتض للمحركية من جهة أخرى.
[1] قد يكون الغرض لوحده كافيا للتحرك و لا يحتاج إلى مكمل كما إذا كان عطشانا في صحراء فإنه يبحث عن الماء في كل الجهات مع أنه غير قاطع بوجود الماء في أي من تلك الجهات.
اسم الکتاب : دروس في أصول الفقه(الحلقة الثانية) المؤلف : الأشكناني، محمد حسين الجزء : 1 صفحة : 288