اسم الکتاب : دروس في أصول الفقه(الحلقة الثانية) المؤلف : الأشكناني، محمد حسين الجزء : 1 صفحة : 286
و حقيقة القطع، فالكاشفية هي القطع، و القطع هو الكاشفية، فالكاشفية هي مقوم القطع و حقيقته [1]، لا أن الكاشفية من مميزات و صفات و خصائص القطع، و ليس القطع شيئا له صفة الكاشفية لأنه يستحيل ثبوت الشيء لنفسه و ذاته إذ أن ثبوت الشيء لشيء فرع تغايرهما، فهما شيء واحد لا شيئان، و التغاير هنا تغاير في اللفظ و التعبير فقط لأنهما من المترادفات كالأسد و الغضنفر اللذين يعبران عن معنى واحد، و كذلك القطع و الكاشفية فإنهما
و المفارق هو ما لا يمتنع انفكاكه عقلا عن موضوعه كالجلوس و القيام لزيد، أو المحمول الخارج عن الذات بحيث يمكن انفكاكه عن الذات، فيمكن أن تتصور زيدا من غير جلوس، و لكن لا يمكن أن تتصور الأربعة بلا زوجية لأن ما تصورتها ليست أربعة.
[1] سؤال: إذا كان القطع عين الكشف عن الواقع فكيف يكون مخالفا للواقع؟
الجواب: يمكن النظر إلى القطع من حيثيتين:
1- القطع من حيث نفس القاطع.
2- القطع من حيث الواقع.
و نحن حينما نتحدث عن القطع فنظرنا و لحاظنا إلى نفس القاطع، هل هو قاطع أو لا؟، و ليس نظرنا و لحاظنا إلى الواقع، فإذا كان قاطعا فإن قطعه له كشف عن الواقع لأن الإنسان حينما يقطع يعتقد أن قطعه مطابق للواقع و لا توجد عنده ذرة من الشك في أنه مطابق للواقع لأن نفس الواقع ليس مكشوفا له، أولا نسأل:" هل هو قاطع؟"، فإذا قال:" نعم"؛ نسأل:" هل قطعه مطابق للواقع أو لا؟"، فنأتي إلى الواقع و نقارن بينه و بين قطعه، و هنا نقول إن قطعه مطابق للواقع أو مخالف للواقع.
إذن: توجد عندنا حيثيتان و مستويان، ففي المستوى الأول يكون القطع بلحاظ نفس القاطع، و في المستوى الثاني يكون القطع بلحاظ الواقع، و بهذا نستطيع أن نوفق بين أن القطع كاشف عن الواقع و بين أنه مخالف للواقع حيث لا يوجد تعارض بين القولين لأن كلا من القولين يكون منطلقا من حيثيتين و مستويين من اللحاظ، فلا تعارض بينهما.
اسم الکتاب : دروس في أصول الفقه(الحلقة الثانية) المؤلف : الأشكناني، محمد حسين الجزء : 1 صفحة : 286