القدح، الممتنع عن القدح، الّذي يجمع إلى السّلاسة متانة، و إلى السّهولة رصانة، و يشتمل على معان يقرب جناها، و يبعد مداها، و كان أبوه يتولّى نقابة نقباء الطّالبيين و يحكم فيهم أجمعين، و كان له النّظر في المظالم و الحج بالناس، ثمّ ردّت هذه الأعمال كلّها إلى ولده الرضيّ المذكور، في سنة ثمانين و ثلاثماءة و أبوه حيّ، و من غرر شعره ما كتبه إلى الإمام القادر باللّه أبي العبّاس أحمد بن المقتدر من جملة قصيدة:
عطفا أمير المؤمنين فإنّنا # في دوحة العلياء لا نتفرّق
ما بيننا يوم الفخار تفاوت # أبدا، كلانا في المعالي معرق
إلاّ الخلافة ميّزتك فإنني # أنا عاطل منها، و أنت مطوّق
قال ابن عنبة (ت/828 هـ-) : «الملقب بالرضي ذو الحسبين، يكنى أبا الحسن، نقيب النقباء، و هو ذو الفضائل الشائعة و المكارم الذائعة، كانت له هيبة و جلالة، و فيه ورع و عفّة و تقشّف و مراعاة للأهل و العشيرة، ولي نقابة الطالبيين مرارا، و كانت إليه أمارة الحاج و المظالم، كان يتولّى ذلك نيابة عن أبيه ذي المناقب، ثم تولّى ذلك بعد وفاته مستقلا و حجّ بالناس مرّات، و هو أول طالبي جعل عليه السواد، و كان أحد علماء عصره، قرأ على أجلاّء الأفاضل، و له من التصانيف: كتاب المتشابه في القرآن، و كتاب مجازات الآثار النبوية، و كتاب نهج البلاغة، و كتاب تلخيص البيان في مجازات القرآن، و كتاب الخصائص، و كتاب سيرة والده الطاهر، و كتاب انتخاب شعر ابن الحجاج، سمّاه الحسن من شعر الحسين، و كتاب أخبار قضاة بغداد، و كتاب رسائله، ثلاث مجلدات، و كتاب ديوان شعره، و هو مشهور. قال الشيخ أبو الحسن العمري، شاهدت مجلدا من تفسير القرآن منسوبا إليه مليحا حسنا يكون بالقياس في كبر تفسير أبي جعفر الطبري أو أكبر، و شعره مشهور و هو أشعر قريش» [2] .
و لعل أصدق التراجم ما قال عن نفسه قوله:
حذفت فضول العيش حتى رددتها # إلى دون ما يرضى به المتعفّف