أولئك آبائي فجئني بمثلهم # إذا جمعتنا يا جرير المجامع»
و يشير الرضي في هذا المقطع إلى أنّ الامام هو المقدّم في البلاغة، و لعل من العبث الإطالة في بلاغة الإمام، و المأثور عنه 7 خير دليل على أنّه إمام الكلام، و كذا مساهمته في الأدب و الشعر العربي شأنه شأن اسرته الرفيعة و المجتمع الاسلامي الأوّل، قال ابن عبد ربه (ت/328) : «كان أبوبكر شاعرا و عمر شاعرا، و عليّ أشعر الثلاثة» [1] .
و هذا طبيعي لمن تربّى في مهد الشعر و الأدب، فقد كان جدّه عبد المطلب شاعرا، و أبو طالب شاعرا، فبلاغة الإمام طبيعية رافقت الأحداث الاسلامية كلّها منذ فجر الدعوة الاسلامية حتى شهادته، كما لا يخفى على من ألم بتاريخ الإسلام، و من هنا قال الشيخ محمد عبده: «فقد أوفى لي حكم القدر بالاطلاع على كتاب نهج البلاغة مصادفة بلا تعمل، أصبته على تغيّر حال و تبلبل بال و تزاحم أشغال و عطلة من أعمال، فحسبته تسلية و حيلة للتخلية، فتصفّحت بعض صفحاته و تأمّلت جملا من عباراته من مواضع مختلفات و موضوعات متفرقات، فكان يخيّل لي في كل مقام أنّ حروبا شبّت و غارات شنّت، و أنّ للبلاغة دولة و للفصاحة صولة، و أن للأوهام عرامة و للريب دعارة. فما أنا إلاّ و الحق منتصر و الباطل منكسر، و مرج الشكر في خمود و هرج الريب في ركود، و أنّ مدير تلك الدولة و باسل تلك الصولة هو حامل لوائها الغالب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب 7» [2] .