اسم الکتاب : دراسات في الأصول / تقريرات المؤلف : السيد صمد علي الموسوي الجزء : 1 صفحة : 484
و نحوه، و يجري هذا المعنى بعينه في الكلام النفسي، فإنّه إذا لوحظ بالنسبة إلى ذات الباري يتحقّق فيه و يكون من الأوصاف الذاتيّة و القديمة، و أمّا إذا لوحظ إلى الإنسان و الجمل الخبريّة مثل «جاء زيد من السفر» فيتحقّق وراء الألفاظ، و علم المتكلّم بالمعنى المذكور أمرا نفسانيّا آخر و الذي نعبّر عنه بالكلام النفسي، و هكذا في الجمل الإنشائيّة إلّا أنّها إذا اشتملت على الأمر يكون للكلام النفسي المتحقّق فيها اسم خاصّ و هو الطلب، و إذا اشتملت على النهي و كانت ماهيّة النهي عبارة عن الزجر لا طلب الترك يكون للكلام النفسي المتحقّق فيها اسم خاصّ آخر، و هو الزجر، و أمّا الجمل الإنشائيّة المشتملة على العقود و الإيقاعات و التمنّي و الترجّي لا يكون للكلام النفسي المتحقّق فيها اسم خاصّ.
و حكى الإمام (قدّس سرّه) في رسالة الطلب و الإرادة عن بعض أهل التحقيق: أنّ إطلاق المتكلّم على اللّه تعالى يكون بنحو إطلاقه على الإنسان، بلا فرق بينهما أصلا، إلّا أنّ الإنسان يتكلّم بالفم و اللسان، و هو تعالى يوجد الكلام من دون آلة و من دون واسطة، و يؤيّده تكلّمه تعالى مع موسى بقوله: وَ ما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى* قالَ هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَ أَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي وَ لِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى* قالَ أَلْقِها يا مُوسى[1].
ثمّ إنّ الإمام (قدّس سرّه) بعد نفي هذه الأقوال اختار في المسألة قولا آخر، و محصّله:
أنّ كلام اللّه سبحانه عبارة عن الوحي، فإنّ إنزال القرآن و سائر الكتب إلى الأنبياء و المرسلين : لا يكون بصورة إيجاد الكلام في شيء آخر قطعا، كما أنّه لا يكون بصورة تكلّمه تعالى مع موسى 7 أيضا و لا بما ذهب إليه