responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خطرة الطيف رحلات في المغرب والأندلس المؤلف : محمد بن عبد الله بن خطيب    الجزء : 1  صفحة : 8

على أن الظّاهرة الغربية في قراءة الآخر و تأويله، كانت دافعا و محرضا بالنسبة إلى النخب العربية المثقفة التي وجدت نفسها في مواجهة صور غربيّة لمجتمعاتها جديدة عليها، و هو ما استفز فيها العصب الحضاري، لتجد نفسها تملك، بدورها، الدوافع و الأسباب لتشدّ الرحال نحو الآخر، بحثا و استكشافا، و تعود و معها ما تنقله و تعرضه و تقوله في حضارته، و نمط عيشه و أوضاعه، ضاربة بذلك الأمثال للناس، و لينبعث في المجتمعات العربية، و للمرة الأولى، صراع فكري حاد تستقطب إليه القوى الحيّة في المجتمع بين مؤيد للغرب موال له و متحمّس لأفكاره و صياغاته، و بين معاد للغرب، رافض له، و مستعدّ لمقاتلته.

و إذا كان أدب الرحلة الغربي قد تمكن من تنميط الشرق و الشرقيين، عبر رسم صور دنيا لهم، بواسطة مخيّلة جائعة إلى السّحري و الأيروسيّ و العجائبيّ، فإن أدب الرحلة العربي إلى الغرب و العالم، كما سيتّضح من خلال نصوص هذه السلسلة، ركّز، أساسا، على تتبع ملامح النهضة العلميّة و الصناعيّة، و تطوّر العمران، و مظاهر العصرنة ممثلة في التطور الحادث في نمط العيش و البناء و الاجتماع و الحقوق. لقد انصرف الرّحالة العرب إلى تكحيل عيونهم بصور النهضة الحديثة في تلك المجتمعات، مدفوعين، غالبا، بشغف البحث عن الجديد، و بالرغبة العميقة الجارفة لا في الاستكشاف فقط، من باب الفضول المعرفي، و إنما، أساسا، من باب طلب العلم، و استلهام التجارب، و محاولة الأخذ بمعطيات التطور الحديث، و اقتفاء أثر الآخر للخروج من حالة الشّلل الحضاريّ التي وجد العرب أنفسهم فريسة لها. هنا، على هذا المنقلب، نجد أحد المصادر الأساسية المؤسّسة للنظرة الشرقية المندهشة بالغرب و حضارته، و هي نظرة المتطلّع إلى المدنيّة و حداثتها من موقعه الأدنى على هامش الحضارة

اسم الکتاب : خطرة الطيف رحلات في المغرب والأندلس المؤلف : محمد بن عبد الله بن خطيب    الجزء : 1  صفحة : 8
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست