وقلّتهم، أو لكثرة منابذتهم وقوّتهم كقريش؛ فإنّهم كانوا إذا رأوا شوكة في أعادي حلفائهم نقضوا عهدهم «إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ» الضمير لأن تكون امّة؛ لأنّه بمعنى المصدر، أي يختبركم بكونهم أربى لينظر أتتمسّكون بحبل الوفاء بعهد اللَّه وبيعة رسوله، أو تغترّون بكثرة قريش وشوكتهم وقلّة المؤمنين [1]؟
أقول: المعنى على ما في الحديث: لا تكونوا كالناقضة لغزلها بعدما ابرمت، فتنقضوا بيعتكم للنبيّ 6 أن تقبلوا كلّ ما يجيء به، وقد أبرمتم وأحكمتم تلك البيعة بالعهود والأيمان، فإذا جاءكم بالولاية وقال: مَن كنتُ أولى به من نفسه، وحكمي عليه أنفذَ عليه، وأحقَّ بالقبول من حكم هواه، فهذا على مثلي وبمنزلتي بالنسبة إليه، نكصتم على أعقابكم ونقضتم عهودكم وبيعتكم، واتّخذتم أيمانكم التي أتيتم بها حين بيعة النبيّ في قبول كلّ ما يجيء به دخلًا فاسداً باطلًا لأن سمعتم أنّ أئمّة- وهم آل الرسول- أزكى وأولى بالإمامة من أئمّتكم التي تهوونهم، وكان في نيّتكم أن تنصبوهم وتجعلوا الأمر لهم، إنّما يبلوكم اللَّه بكون أئمّة أزكى من أئمّتكم، أي بإنزال الولاية ليعلم من يطيعه في أمرها ومن يعصيه ومن يختار مزكّى اللَّه على مزكّى هواه، وأين هم من التزكية، وقد قال تبارك وتعالى: «فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى»[2] ولعمري إنّ هذا القول من اللَّه نصّ قاطع على امتناع الإمامة بالاختيار، بل هو بإخبار من هو عالم بالأسرار.
قوله: (في المُسْتَحْفَظينَ). [ح 3/ 768] بفتح الفاء.
في الأساس: «استحفظته سرّاً [3]». وفي التنزيل: «بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ»[4].
قوله: ( [أسْلَمَ له] العَقِبُ من المستحفِظين). [ح 3/ 768]
في القاموس: «العقب: الولد، وولد الولد، كالعقب ككتف» [5].
قوله: (ولم يُبْعَثْ إليهم نبيٌّ). [ح 3/ 768]
أي على أن تمكن من التعيّش بينهم وتأديبهم بآداب اللَّه تعالى، وإنّما قلنا ذلك إذ