الوجه الثاني: أن يكون إشارة إلى دليلين على وجهٍ آخر:
الأوّل: أنّه لو كانت له تعالى صفات زائدة لكانت ممكنة؛ لامتناع تعدّد الواجب، ولايجوز أن يكون الواجب موجداً لها؛ إمّا لامتناع كون الشيء قابلًا وفاعلًا لشيء واحد، أو لأنّ تأثير الواجب فيهما يتوقّف على اتّصافه بتلك الصفات؛ إذ لو لم يتوقّف التأثير في تلك الصفات- التي هي منشأ صدور جميع الممكنات عليها- لم يتوقّف التأثير في شيء عليها، فلا يثبت له تعالى شيء من الصفات، فتكون معلولة لغيره تعالى، ومن كان جميع صفاته الكماليّة من غيره لا يكون واجباً صانعاً لجميع الموجودات بالضرورة.
الثاني: أنّ التوصيف اقتران خاصّ يوجب الاحتياج من الجانبين كما مرّ، والاحتياج موجب للحدوث المنافي للأزليّة.
الوجه الثالث: أن يكون راجعاً إلى دليل واحد، وتقريره: أنّه لو كانت الصفات زائدةً لكانت الذات والصفات مخلوقةً، وهذا خلف. وبيّن الملازمة بقوله: «وشهادة كلّ صفة وموصوف بالاقتران» بنحو ما مرّ من الاحتياج المستلزم للإمكان.
قوله: «فليس اللَّه من عُرف بالتشبيه ذاتُه» أي ليس من عُرف ذاته بالتشبيه بالممكنات واجباً؛ لأنّه يكون ممكناً مثلها. ويمكن أن يُقرأ «اللَّه» بالرفع والنصب، والأوّل أظهر.
قوله: «من اكتنهه» أي بيّن كنهه، أو طلب الوصول إلى كنهه؛ إذ لو كان يعرف كنهه لكان شريكاً مع الممكنات في التركّب والصفات الإمكانيّة، فهو ينافي التوحيد، أو لأنّ حصول الكنه في الذهن يستلزم تعدّد أفراد الواجب كما قيل.
قوله 7: «من مثّله» أي جعل له شخصاً ومثالًا، أو مثله في ذهنه، وجعل الصورة الذهنيّة مثالًا له، أو المراد: أثبت له مثلًا وشبّهه بغيره.
قال الفيروزآبادي: «مثّله له تمثيلًا: صوّره له حتّى كأنّه ينظر إليه. ومثّل فلاناً، وبه: شبّهه» [1] انتهى.
وعلى ما ذكره يمكن أن يقرأ بالتخفيف أيضاً.
قوله 7: «من نهّاه» بالتشديد، أي جعل له حدّاً و نهاية من النهايات الجسمانيّة، ومن جعله كذلك فلم يصدّق بوجوده، بل بممكن غيره. ويُحتمل أن يكون المعنى: جعله نهايةً لكفره،