مألوه، ومعنى العالم ولا معلوم، ومعنى الخالق ولا مخلوق، وتأويل السمع ولا مسموع.
ليس مذ خلق استحقّ معنى الخالق، ولا بإحداثه البرايا استفاد معنى البرائيّة، كيف ولا تغيبه مذ، ولا تدنيه قد، ولا يحجبه لعلّ، ولا يوقته متى، ولا يشمله [1] حين، ولا يقارنه مع، إنّما تحدّ الأدوات أنفسها، وتشير الآلة إلى نظائرها، وفي الأشياء يوجد فعالها، منعتها مذ القدمة [2]، وحمتها قد الأزليّة لولا الكلمة افترقت، فدلّت على مفرّقها، وتباينت فأعربت عن مباينها، لمّا تجلّى صانعها للعقول، وبها احتجب عن الرؤية، وإليها تحاكم الأوهام، وفيها أثبت غيره، ومنها أنبط الدليل، وبها عرّفها الإقرار، وبالعقول يعتقد التصديق باللَّه، وبالإقرار يكمل الإيمان به.
ولا ديانة إلّابعد معرفة، ولا معرفة إلّابالإخلاص، ولا إخلاص مع التشبيه، ولا نفي مع إثبات الصفات للتنبيه [3]؛ فكلّ ما في الخلق لا يوجد في خالقه، وكلّ ما يمكن فيه يمتنع في صانعه، لا تجري عليها الحركة والسكون، وكيف يجري عليه ما هو أجراه، أو يعود فيه ما هو ابتدأه، إذاً لتفاوت ذاته، ولتجزّأ كنهه، ولامتنع من الأزل معناه، ولما كان للباري معنى غير معنى المبروء، ولوحدّ له وراء إذا حدّ [4] له أمام، ولو التمس له التمام إذ ألزمه النقصان، كيف يستحقّ الأزل من لا يمتنع من الحدث [5]؟ وكيف ينشئ الأشياء من لا يمتنع من الإنشاء؟ إذاً لقامت فيه آية المصنوع، ولتحوّل دليلًا بعدما كان مدلولًا عليه، ليس في مُحال [6] القول حجّةٌ، ولا في المسألة عنه جواب، ولا في معناه للَّه تعظيم، ولا في إبانته عن الخلق ضيم إلّابامتناع الأزلي أن يثنى، ولما لابدأ له أن يبدأ [7]، لا إله إلّاهو العليّ العظيم، كذب العادلون باللَّه، وضلّوا ضلالًا بعيداً، وخسروا خسراناً مبيناً، وصلّى اللَّه على محمّدٍ وأهل بيته الطاهرين». [8]