الحسن: طلب هذا العلم ثلاثة أصناف من الناس: صنف تعلّموه للمراء والجهل، وصنف تعلّموه للاستطالة والخَتْل، وصنف تعلّموه للفقه والعقل. فصاحب الفقه والعقل ذو كآبة وحزن، وقد تنحّى في بُرنُسه، وقام الليلَ في حِنْدسه، قد أوكدتاه يداه، وأعمدتاه رجلاه، فهو مقبلٌ على شأنه، عارفٌ بأهل زمانه، قد استوحش من كلّ ذي ثقة من إخوانه، فشدّ اللَّه من هذا أركانه، وأعطاه يوم القيامة أمانه 2 ض وذكر الصنفين الآخرين.
تنحّى، أي تعمّد العبادة، وتوجّه لها، وصار في ناحيتها.
تنحّى له عمرو فشك ضلوعه* * * بتاقدة نجلاء والخيل تضبر
أوتجنّب الناس وجعل نفسه في ناحيةٍ منهم.
وكده وأوكده ووكّده بمعنى: إذا قوّاه.
وقال أبو عبيد: عمدت الشيء: إذا أقمته. وأعمدته: إذا جعلت تحته عمداً؛ يريد أنّه لا ينفكّ مصلّياً معتمداً على يديه في السجود، وعلى رجليه في القيام، فوصف يديه ورجليه بذلك ليؤذن بطول أعماله.
ويجوز أن يكون «أوكدتاه» من الوكد وهو العمد والجهد، و «أعمدتاه» من العميد وهو المريض، ويريد أنّ دوام كونه ساجداً وقائماً قد جهده وشقّه. الألف علامة التثنية، وليست بضمير، وهي في اللغة الطّائية. [1]
إلى هنا عبارة الفائق بعينها.
وفي النهاية:
ومنه حديث الحسن: «قد تنحّى في بُرنُسه، وقام الليلَ في حِنْدسه» أي تعمّد للعبادة، وتوجّه لها، وصار في ناحيتها. أو تجنّب الناسَ وصار في ناحيةٍ منهم. [2] انتهى.
وفي النهاية: «يُقال: طال عليه واستطال وتطاول: إذا علاه وترفّع عليه». [3]
وفيه أيضاً:
من أشراط الساعة أن تُعطَّل السيوف من الجهاد، وأن تُختل الدنيا بالدين، أي يُطلب