«ثمّ نظرت العين إلى العظيم من الآيات من السحاب المسخّر بين السماء والأرض بمنزلة الدخان لا جسد له يلمس بشيء، يعترض الركبان، فيحول بعضهم من بعض من ظلمته وكثافته، ويحتمل من ثِقَل الماء وكثرته ما لا يقدر على صفته ممّا فيه من الصواعق الصادعة، والبروق اللامعة والرعد والثلج والبَرَد والجليد ما لا تبلغ الأوهامُ صفتَه، ولا تهتدي القلوب إلى كنه معرفته [2]، فيخرج مستقلّاً في الهواء، يجتمع بعد تفرّقه، ويلتحم بعد تزايله، تفرّقه الرياح من الجهات كلّها إلى حيث تسوقه بإذن اللَّه ربّها، يستفل مرّة ويعلو اخرى، متمسّك بما فيه من الماء الكثير الذي إذا أزجاه صارت منه البحور، يمرّ على الأراضي الكثيرة والبلدان المتنائية لا تنقص منه قطرة، حتّى ينتهي إلى ما لا يحصى من الفراسخ، فيرسل فيه قطرةً بعد قطرة، وسيلًا بعد سيل، متتابع على رَسْله حتّى تنقع البِرَك، وتمتلئ الفجاج، وتعتلي الأودية تسيل كأمثال الجبال غاصّةً بسيولها [3]، مصمخةَ الأذان لدويّها وهديرها، فتحيا به الأرض الميّتة، فتصبح مخضرّةً بعد أن كانت مُغْبَرّةً، ومُعْشِبةً [4] بعد أن كانت مُجْدَبةً، قد كُسيت ألواناً من نبات عشبٍ نضرةٍ [5] زاهرةٍ مزيّنة معاشاً للناس والأنعام». [6]
أقول: هذه الرسالة الشريفة من جملة بديع آثار أهل البيت : التي أودعتُها كتابَ شواهد الإسلام وشرحتها بالفارسيّة والعربيّة، وأنا أذكر هاهنا ما ذكرت في شرح