responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة المؤلف : رفيع الدين محمد الجيلاني    الجزء : 1  صفحة : 182

والتمادي فيها؛ فيكون المنفعة فيما يصلح له من دينه أرجح ممّا عسى أن يزري في ماله». [1]

فصل: في «وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ». [2]

اعلم أنّ الصادق 7 في المجلس الثاني من الكتاب المذكور بسط الكلام في أحوال الدوابّ، وإذ لا يتّسع كتابي هذا لذكر الجميع التقطتُ منه قدراً على سبيل الانموذج.

قال 7: «ابتدئ لك بذكر الحيوان ليتّضح لك من أمره ما وضح لك من غيره، فكِّر في أبنية أبدان الحيوان وتهيئتها على ما هي عليه؛ فلا هي صلاب كالحجارة، ولو كانت ذلك لاتنثني‌ [3] ولا تتصرّف في الأعمال، ولا هي على غاية اللين والرخاوة، فكانت لا تتحامل ولا تستقلّ بأنفسها، فجعلت من لحمٍ رخو ينثني، يتداخله عظام صلاب، يمسكه عصب وعرق تشدّه، وتضمّ بعضَه إلى بعض، وعُلِيَت‌ [4] فوق ذلك بجلد يشتمل على البدن كلّه.

ومن أشباه ذلك هذه التماثيل التي تعمل على العيدان، وتلفّ بالخرق، وتشدّ بالخيوط، ويطلى فوق ذلك بالصمغ، فيكون العيدان بمنزلة العظام، والخرق بمنزلة اللحم، والخيوط بمنزلة العصب، والعروق والطلا بمنزلة الجلد؛ فإن جاز أن يكون الحيوان المتحرّك حدث بالإهمال من غير صانع، جاز أن يكون ذلك في هذه التماثيل الميّتة، فإن كان هذا غير جائز في التماثيل، فبالحريّ لا يجوز في الحيوان.

وفكِّر بعد هذا في أجساد الأنعام، فإنّها حين خُلقت على أبدان الإنس من اللحم والعظم والعصب، اعطيت أيضاً السمعَ والبصر ليبلغ الإنسان حاجته، فإنّها لو كانت عمياء صمّاء لما انتفع بها الإنسان، ولا تصرّفت في شي‌ءٍ من مآربه، ثمّ منعت الذهنَ والعقل لتذلّ الإنسان، فلا يمتنع عليه إذا كدّها الكدَّ الشديدَ، وحملها الحملَ الثقيل.


[1]. توحيد المفضّل، ص 148- 150؛ بحار الأنوار، ج 3، ص 125- 126.

[2]. البقرة (2): 164.

[3]. لاتنثني، أي لاتنعطف ولاتميل.

[4]. في المصدر: «غلفت».

اسم الکتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة المؤلف : رفيع الدين محمد الجيلاني    الجزء : 1  صفحة : 182
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست