responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة المؤلف : رفيع الدين محمد الجيلاني    الجزء : 1  صفحة : 162

نعم، هذا العلم في الأكثر مجامع جهلين:

أحدهما: الجهل بأسمائه الحسنى والصفات اللائقة به تعالى.

والثاني: الجهل بأنّه كما هو ربّه وإلهه فهو ربّ العالمين وإله الكلّ.

فمعلوم كلّ أحد من جهة الاضطرار المشار إليه بالإضافة في «إلهكم» هو أنّ في الوجود من هو وليّ أمره، ومالك اختياره، وله تذلّله التسخيري على وجه الاستحقاق، وإن وقع لغيره فعلى سبيل الجعل والتكلّف، ولكن يجوز بحسب جليل النظر أن يكون الموصوف بالوصف المذكور واحداً أو أكثرَ، وتذلّل الكلّ لذلك الواحد، أو كلّ متذلّل لبعض.

فقوله سبحانه في الآية: «وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ» بيان لما هو مقتضى دقيق النظر، فكأنّه تعالى يقول: إنّكم- معاشرَ العباد- الذين عرّفتكم من طريق التذليل والتسخير وإراءة آثار الصنع والتدبير وجودَ إلهكم العزيز القدير، أدقّوا النظر، واستعملوا الفكر، وانظروا بعين الاعتبار والاستبصار فيما انبّهكم عليه ممّا نصبت لكم من الأدلّة الواضحة والحجج القاطعة، حتّى‌ يتبيّن لكم أنّ إلهكم إلهٌ واحد، لا نوع متعدّد الأفراد؛ فإضافة الإله إلى المعرفة للإيذان بوقوع تعريفٍ إجمالي من طريق التسخير وإراءة آثار التدبير، مع ما في تلك الإضافة من التكريم والتشريف والاستيناس ما لا يخفى.

وبعد الإضافة والإشارة إلى المعرّف المحتمل في جليل النظر للتعدّد ووصفه بالوحدة قال بلا فصل: «لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» استينافاً لرفع ما عسى أحد أن يتوهّم أنّه لعلّ الضمير المضاف إليه الإلهُ عبارةٌ عن الإنس فقط، وللجنّ والملك وغيرهما إلهٌ غير واحد، فأتى ب «لا» التي لنفي الجنس الذي نفى الوجود عن جميع الأفراد المتوهّمة لمفهوم الإله.

ثمّ استثنى‌ وعبّر عن المستثنى بالضمير الراجع إلى المعلوم المحكوم عليه من طريق الإضافة بأنّه إلهنا، ومن طريق الوصف بأنّه واحد ليفيد القصر عليه، ويرفع التوهّم المذكور، فكأنّه قال: لا إله في الوجود إلّاالذي هو إلهكم، ونفى تعدّده بوصف الوحدة.

وقوله تعالى في موضع آخَرَ: «لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ» [1]* أيضاً مفيد لما افيد في هذه الآية بعينه‌


[1]. الصافّات (37): 35؛ محمّد (47): 19.

اسم الکتاب : الذريعة إلى حافظ الشريعة المؤلف : رفيع الدين محمد الجيلاني    الجزء : 1  صفحة : 162
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست