و لقد كانت البيعة لانتخاب القائد أمرا معمولا به في الإسلام، بل قبل الإسلام أيضا، و ربما جدّدت البيعة في الحوادث الطارئة المهمة عند ما كانوا يرون ذلك أمرا ضروريا و لازما، و في مثل هذه الحالات كان يحدّد مدى التزام الأفراد، و أنهم مستعدون لأية درجة من التضحية، كما حدث ذلك في بيعة الرضوان إذ قال بعض المؤرخين: إن بعض المسلمين بايعوا رسول اللّه 6 على قتال قريش و مواجهتها حتى الموت، و بعضهم بايع على مواجهتها حتى عدم الفرار من ساحة المعركة فقط [2].
فالبيعة نوع من القبول المقرون بالتعهد، و المبايع يتعهد أن يبقى وفيا إلى نهاية الطريق.
و كلمة البيعة (التي هي نوع من الميثاق) مأخوذه من البيع، فقد كان دأبهم أنهم إذا أرادوا إنجاز البيع أعطى البائع يده للمشتري، و بذلك سمي التصفيق عند بذل الطاعة بيعة و مبايعة، و حقيقة معناه هي: إعطاء المبايع يده للسلطان مثلا ليعمل به ما يشاء [3].
و يمكن أن يكون ذكر يَدُ اللّٰهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ في الآية الاولى بعد ذكر مبايعة اللّه على هذا الأساس، و إن كان المراد من اليد هنا هو يد القدرة لا يد الجارحة.
و خلاصة القول إن للبيعة و الانتخاب مفهوما واحدا، أو أن البيعة تلازم الانتخاب و لا تنفك عنه، يعني أنه يتم الانتخاب أولا، ثم تتم البيعة، و النتيجة