خاصة، و أصول هذه القوانين هي التي تشكل الحقوق الدولية التي تنظم العلاقات بين الشعوب و الجماعات البشرية المختلفة.
ثم إن إصلاح أمور البلاد حيث يتحقق عن طريق تنظيم مسألة القيادة، و الطاعة ليستطيع عامة الشعب من العيش بسلام و اطمئنان لا بدّ من وجود قوانين تضمن حسن الإدارة و حفظ تلك المجتمعات، و أصول هذه القوانين هي التي تشكل الحقوق السياسية.
لأن السياسية لا تعني شيئا سوى حسن التدبير و حسن إدارة البلاد [1].
[1] فسرت السياسية في اللغة هكذا: ساس القوم: دبر أمرهم.
و جاء في لسان العرب: السياسة القيام على الشيء بما يصلحه.
و في المنجد: السياسة استصلاح الخلق بإرشادهم إلى الطريق المنجي في العاجل و الآجل.
و في الرائد: السياسية تولّي أمر الناس و إرشادهم إلى الطريق الصالح، و كذا يقول: الحقوق السياسية: حقوق كل مواطن في أن يشترك في إدارة بلاده أو ممارسة أعماله الوطنية كالانتخاب و غيره.
و لكن السياسة في عرف الساسة اليوم أصبحت بمعنى الحيلة و المكر، و هي تستعمل الآن في كيفية الدجل، و الغلبة على الآخرين و تضليلهم لتحصيل المناصب و تحقيق الأغراض الشخصية مهما كانت غير مشروعة، و بأية صورة تم ذلك.
و السياسة بهذا المعنى عمل ظالم، و سلطويّ و محاولة للتسلط بغير الحق، و هو مرفوض يقينا عقلا و شرعا.
و أما السياسة بمعناها الواقعي أي حسن التدبير و حسن إدارة البلاد بشكل عادل، فمن وظائف القادة الإلهيّين المسلّمة و من أركان الدين المهمة و البديهية و الضرورات العقلية القطعية؛ لأن القائد إذا لم يكن سائسا جيدا و سياسيا محنكا جر البلاد إلى الدمار، و انتهى بالشعب إلى الشقاء و من هنا كان من صفات الأئمة : أنهم «ساسة العباد» و بهذا اتضح عدم انفصال الدين و انفكاكه عن السياسة، و إن كان الدين بعيدا عن الدجل و المكر.