فإن الأمور الحسبية هي الأعم من الواجبات و المستحبات الكفائية التي تسقط عن ذمة الآخرين بقيام واحد أو جماعة بها.
و يمكن ذكر أمثلة لها كالجهاد للإسلام، و الدفاع عن حريمه، و الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر، و إجراء الحدود، و الفتوى، و القضاء و الشهادة، و الاستشهاد، و حفظ اللقطة- إنسانا كان أو غيره- حفظ أموال القاصرين (اليتيم، المجنون، السفيه) حفظ أموال الغائبين، نجاة الأشخاص من الهلاك، كفن الأموات و دفنهم، مساعدة المحتاجين، تحصيل و صرف بيت المال في المصارف المقررة شرعا و أمثال ذلك، كلّ ماله رجحان إلزامي أو غير الزامي شرعيّ أو عقلي يتحقق غرض المجتمع فيه بإتيان شخص أو أشخاص.
الأدلة الأربعة على ثبوت ولاية الفقيه في الأمور الحسبية:
و الدليل على ثبوت «ولاية الحسبة» للفقيه عبارة عن الأدلة الأربعة: الكتاب و السنة و العقل و الإجماع [1].
و قال الفاضل النراقي (في كتاب العوائد: 536) في بيان الأمور الحسبية و أنها وظيفة الفقيه:
«إن كل فعل متعلق بأمور العباد في دينهم أو دنياهم و لا بدّ من الإتيان به، و لا مفرّ منه إما «عقلا»، أو «عادة» من جهة توقف أمور المعاد أو المعاش لواحد أو جماعة عليه، و إناطة انتظام أمور الدين أو الدنيا به، أو «شرعا» من جهة ورود أمر به أو إجماع أو نفي ضرر أو إضرار، أو عسر، أو حرج، أو فساد على مسلم، أو دليل آخر، أو ورود «الإذن» (الأمر خ ل) فيه من الشارع و لم يجعل وظيفته لمعيّن واحد، أو جماعة و لا لغير معين (أي واحد لا بعينه) بل علم لابديّة الإتيان به، أو الإذن فيه، و لم يعلم المأمور به و لا المأذون فيه فهو وظيفة الفقيه و له التصرف فيه، و الإتيان به» ثم أخذ بالاستدلال على أن ذلك وظيفة الفقيه في الصفحة 538.