الحق أنه لا يبدو للنظر اختلاف في المقام بين الأمرين، ذلك لأنّ ولاية التفويض ليست بمعنى أن رسول اللّه 6 يملك حق التصرف في أحكام الإسلام في مقابل اللّه- سبحانه- بمعنى أن يقول ما يخالف إرادة اللّه- سبحانه- بل تعني ولاية التفويض أنّ اللّه، خالق الكون أيّده لا على نحو الاستقلال، تماما بل مثل الولاية التكوينية التي يستطيع أولياء اللّه بمقتضاها أن يتصرفوا في عالم الوجود باذن اللّه- تعالى- و تأييده، و الآيات المذكورة هنا تنفي الولاية الاستقلالية، لا غير الاستقلالية، لأن المطروح في نص الآية الأولى هو المعصية في مقابل اتباع الوحي، فيقول: «إن اتبع إلّا ما أوحي إلي و أخاف أن أعصي اللّه» و واضح أن ولاية التفويض غير الاستقلالية لا تكون معصية بحال بل هي إتيان عمل بإذن اللّه و مشيئته.
و في الآية الثانية جعل «الهوى» في مقابل «الوحي» لأنه يقول:
و الآيات تنفي الأولى، و الروايات تثبت الثانية، فلا منافاة بين المثبت و المنفي.
بيد أن «ولاية التفويض» كيفما فسّرناها بحاجة إلى دليل واضح، و استدلال خارج عن إمكانية و نطاق هذه الدراسة، و ليس لها ثمرة عملية، اللهم إلّا أن الاعتراف به ترفيع لمقام رسول اللّه 6 و إعطاء صلاحيات معينة من جانب من يملكها بالأصالة و الاستقلال، إلى آخر لا ينافي العقل و لا الشرع أبدا.