و يا صفية عمة رسول اللّه (صلى اللّٰه عليه و آله و سلم) لا أغنى عنك من اللّه شيأ و يا فاطمة بنت محمد سلينى ما شئت من مالى لا أغنى عنك من اللّه شيأ
[تتمة لهذا المطلب في العوارض البشرية التي لحقته صلى اللّه عليه من جراء ذلك]
(قال المؤلف) كان اللّه له جميع ما ذكرناه مما اصابه (صلى اللّٰه عليه و آله و سلم) من الامتحان على تبليغ الرسالة قال في معناه القاضى عياض ; و فيما أصابه أيضا من الاوجاع و الاسقام قال و هذا كله ليس بنقيصة فيه لان الشيء انما يسمى ناقصا بالاضافة الى ما هو أتم منه و أكمل من نوعه و قد كتب اللّه على أهل هذه الدار فيها تحيون و فيها تموتون و منها تخرجون و خلق جميع البشر بمدرجة الغير فقد مرض رسول اللّه (صلى اللّٰه عليه و آله و سلم) و اشتكى و أصابه الحر و القر و أدركه الجوع و العطش و لحقه الغضب و الضجر و ناله الاعياء و التعب و مسه الضعف و الكبر و سقط فجحش شقه و شجه الكفار و كسروا رباعيته و سقي السم و سحر و تداوى و احتجم و تنشر و تعوذ ثم قضى نحبه و لحق بالرفيق الاعلى و تخلص من دار الامتحان و البلوى و هذه سمات البشر التي لا محيص عنها و أصاب غيره من الأنبياء ما هو أعظم منها فقتلوا قتلا و رموا في النار و نشروا و لا ينافي الحديث الآخر قوله 6 كل نسب و صهر ينقطع يوم القيامة الا نسبي و صهرى أخرجه ابن عساكر من حديث ابن عمر لان معناه عدم ظهور آثار النسب يومئذ الا إليه 6 فان أثره يظهر في شفاعته لقرابته قبل باقى الامة كما مر (يا بني عبد) بالجر بالاضافة (يا عباس ابن) بنصب ابن و في الاول الرفع و النصب و كذا يا صفية عمة و يا فاطمة بنت (و خلق البشر) هو من أسماء بنى آدم (بمدرجة) بالدال المهملة و الراء بوزن ترجمة هى المذهب و المسلك و الطريق كما مر (الغير) بكسر المعجمة و فتح التحتية. قال الشمنى هو الاسم من قولك غيرت الشيء فتغير (و القر) بضم القاف هو البرد (فجحش) بضم الجيم و كسر المهملة ثم معجمة أي خدش (و سقى السم) بتثليث السين و الفتح و الضم أفصح (و تنشر) من النشرة و هي الرقية و التعويذ و سميت بذلك لأنها تنشر عن صاحبها أى تجلي عنه. قال ابن الانصارى و في كتب وهب بن منبه ان النشرة ان يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بين حجرين ثم يضربه بالماء و يقرأ فيه آية الكرسي و ذوات قل أى قل يا أيها الكافرون و قل هو اللّه أحد و المعوذتين ثم يحسو منه ثلاث حسوات و يغتسل به فانه يذهب كل عاهة ان شاء اللّه و هو جيد للرجل اذا حبس عن أهله. و ذكر النووى خلافا للسلف في جوازها و ان الصحيح الجواز. قال السهيلي و ذكر البخاري عن سعيد بن المسيب انه سئل عن النشرة للذى يؤخذ عن أهله فقال لا بأس لم ينه عن الصلاح انما نهي عن الفساد و من استطاع ان ينفع أخاه فلينفع انتهى و أخرج أبو داود حديثا مرفوعا ان النشرة من عمل الشيطان و ذلك محمول على نشرة فيها شيء من الاسماء العجمية و الطلاسم التي لا برهان عليها فقد صرح العلماء بتحريم استعمال ما كان من الاسماء بهذه المثابة (و تعوذ) أى استرقى (بالرفيق الاعلى) قال ابن الاثير هم الأنبياء و الصديقون و الشهداء و الصالحون و قيل هو مرتفق الجنة و قيل الرفيق الاعلى اللّه سبحانه و تعالى لانه رفيق بعباده. و قال ابن قرقول أهل اللغة لا يعرفون هذا و لعله تصحيف من الرفيع (سمات البشر) علاماتهم جمع سمة و هى العلامة (فقتلوا قتلا) أى كزكريا و يحيى (و نشروا)