responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الكلام في تفسير آيات الأحكام المؤلف : الشيخ محمد باقر الملكي الميانجي    الجزء : 1  صفحة : 244

فأمره تعالى لخليله بقوله أسلم ليس هو الإسلام العادي بل هو (ع) بعد ما جلس على كرسي الاصطفاء و وقف موقف القرب و تمكن في مجلس المخاطبة و الانس مع كمال مراقبته لشأن الموقف و محافظته لشرائط الحضور حيث لم يسترسل نفسه ذاك الاسترسال و لم يقل أسلمت لك بل أجاب ربه و خاطبه بما يخاطب به الكبراء و العظماء و قال أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعٰالَمِينَ فتبين ان المستفاد من الآية الكريمة هو أمره تعالى لرسوله وصفية أن يقول و يظهر للناس في سبيل دعوته الحقة الحسنى ما عليه من التوحيد التام و التبري من الأصنام و عبادتها و ما عليه من الإسلام لله و الإخلاص في توحيد الذات المقدسة أجنبية عما قيل من اشتراط النية و خلوصها في مقام العبادة. و بعبارة أخرى في مقام إخلاص العبودية لله سبحانه هي العبادة له تعالى.

فان قيل: سلمنا في مقام بيان توحيد الذات فأي مانع لشمولها باشتراط الإخلاص في نية العبادة و في صحتها أيضا كما قيل.

قلت: كلا فان وجوب الإذعان بتوحيد الذات لا يقاس بوجوب الإخلاص في العبادة فإن توحيد الذات من قبيل الحقائق الثابتة بالعرفان و البرهان و الإذعان به واجب عقلا بالضرورة العقلية. و الثاني من قبيل المدلولات الأدلة الظاهرية اللفظية بالوجوب الشرعي التعبدي فلا جامع بين المقامين. فالآية في مقام التذكر بما علم بالبرهان و الإيقان و الإرشاد إلى الحكم العقلي و إخلاص النية واجب شرعي على التعبد بالظواهر.

و أما الفروع المذكورة في المقام فساقط على ما ذكرنا من تفسير الآية.

(الآية الثالثة) قال تعالى إِنَّمٰا وَلِيُّكُمُ اللّٰهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلٰاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ وَ هُمْ رٰاكِعُونَ (المائدة 58).

بيان: الولي من أسمائه تعالى الحسنى و قد مجد نفسه و عظمه في كتابه الكريم بهذا الاسم في موارد شتى قال تعالى وَ يَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَ هُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (الشورى 28) قال تعالى اللّٰهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمٰاتِ إِلَى النُّورِ (البقرة 257) قال تعالى إِنَّ أَوْلَى النّٰاسِ بِإِبْرٰاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هٰذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّٰهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (آل عمران 68) و غيرها من الآيات حيث انه تعالى مالك لجميع ما سواه ملكا ذاتيا و يملك جميع الشؤون الراجعة إلى الخلق فله سبحانه السلطان المطلق في التصرف و التدبير و القبض و البسط و الإبقاء و الافناء و له تعالى ملك التشريع و ولاية الأمر و النهي فلا ولاية لأحد على أحد إلا له و لا حق لأحد من الناس تقلد شي‌ء من أمور الناس الا له و بأمره و نهيه و لما كانت الدنيا دار الحجاب و الجهل فلا يعرف هذه الولاية التكوينية سيما التشريعية الا من كان عالما بالله و عارفا بنعوته و كمالاته و بحقه و سلطانه تكوينا و تشريعا و اما ولاية الناس له تعالى فلا يتصور و لا يعقل‌

اسم الکتاب : بدائع الكلام في تفسير آيات الأحكام المؤلف : الشيخ محمد باقر الملكي الميانجي    الجزء : 1  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست