اسم الکتاب : البرصان و العرجان و العميان و الحولان المؤلف : عمرو بن بحر الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 45
فبهذه النفوس-حفظك اللّه-حفظوا أنسابهم، و تذاكروا مآثرهم، و قيّدوا لأنفسهم بالأشعار مناقبهم، و حاربوا أعداءهم، و طالبوا بطوائلهم، و رأوا للشّرف حقّا لم يره سواهم، و عملوا على أنّ الناس كلّهم دونهم.
و سأنشدك إن شاء اللّه بعض ما افتخر به الأعمى، و احتجّ به الأعرج، قبل أن تصير إلى قراءة الجميع، لأعجّل عليك معرفة الجملة من مذاهبهم.
و باللّه التوفيق.
فمن العرجان: أبو الدّهماء، و هو الذي عيّرته امرأته بالعرج فقال:
ما ضرّ فارسهم في كلّ ملحمة # تزحّف العرج بين السّجف و النّضد[1]
إن كان ليس بمرقال إذا نزلوا # ففي الفروسة وثّاب على الأسد[2]
و خطب الطائيّ الأعرج[3]امرأة فشكت عرجه إلى جاراتها، فأنشأ يقول:
تشكي إلى جاراتها و تعيبني # فقالت: معاذ اللّه أنكح ذا الرّجل
فكم من صحيح لو يوازن بيننا # لكنّا سواء أو لمال به حملى[4]
[1]التزحف: المشي في إعياء. في الأصل: «يزحف» . و السجف: أحد مصراعي الستر، يكونان في مقدم البيت. و النّضد: السرير ينضد عليه المتاع و الثياب. و في شعر النابغة (ديوانه 17) :
خلت سبيل أتيّ كان يحبسه # و رفّعته إلى السّجفين فالنضد
[2]المرقال، من الإرقال، و هو الإسراع.
[3]هو عديّ بن عمرو بن سويد بن زبّان، المعروف بالأعرج الطائي المعنيّ، من مخضرمي الجاهلية و الإسلام. الإصابة 3713 و معجم المرزبانى 25.
[4]في الأصل هنا، و فيما سيأتي في ص 349 من الأصل: «و لمال به حملي» ، و الوجه ما أثبت.
اسم الکتاب : البرصان و العرجان و العميان و الحولان المؤلف : عمرو بن بحر الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 45