اسم الکتاب : البرصان و العرجان و العميان و الحولان المؤلف : عمرو بن بحر الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 407
و من الحدب:
أبو مازن الأحدب
و كان أحدب أعضد العظام[2]، أضعف الناس قبل كلّ شيء. و قد سمعته مع ذلك يقول: أنا لا أموت سويّا!قالوا: و لم؟قال: لأني لا آخذ الناس إلاّ عنوة! و هو الذي دقّ عليه الباب جبل العمّيّ[3]بعد أن مضى من الليل[4] و هدأت الرّجل[5]، فخرج إليه أبو مازن الأحدب و هو لا يظنّ أنه إنسان يريد أن يبيت عنده[6]فلما رآه جبل العميّ قال له: ليس نحن في الصّيف فأضيق علي عيالك السّطح، و لا نحن في الشّتاء فتكره أكون قرب حرمتك، و نحن في الفصل[7]، و قد تعشّيت و إنّما خفت الطائف[8]، فدعني أبيت بقية ليلتي في الدّهليز، في ثيابي التي عليّ، فإذا كان مع الفجر مضيت.
[2]الأصل في معني الأعضد أنه الدقيق العضد، كما في اللسان و القاموس: و أبو مازن هذا من البخلاء، و ذكره الجاحظ في البخلاء 32-33 حيث ساق القصة التالية له مع جبل العمي.
[3]هو أبو عبد اللّه الأبرص العمي، كما في الحيوان 2: 240، قال الجاحظ: «و كان من المعتزلين» . و أنشد له شعراء في الحيوان 5: 315. و ذكره في البخلاء 32-33 باسم «جبل العمى» كما هنا و يبدو أن «الجبل» لقب له، و أن اسمه «روح» كما في ديوان أبي نواس 1184 حيث نجد ست مقطوعات لأبي نواس في هجائه بالثقل و السماجة و البرد و إيذاء جلسائه بغنائه المقيت. و العمى: نسبة إلى موضع يقال له «العم» ، و يبعد أن يكون منسوبا إلى بني العم، و هم مرة بن مالك بن حنظلة.
[4]أي مضى جزء من الليل.
[5]في الأصل: «وهدت الرجل» . و هو كناية عن انصراف القوم إلى النوم.
[6]في البخلاء: «فلم يشك أبو مازن أنه دقّ صاحب هديّة، فنزل سريعا» .
[7]في البخلاء: «نحن في أيام الفصل، لا شتاء و لا صيف» . يعني اعتدال الزمان
[8]الطائف: العاسّ بالليل، و العسس أيضا، كما في اللسان. ـ
اسم الکتاب : البرصان و العرجان و العميان و الحولان المؤلف : عمرو بن بحر الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 407