و هو وحده (رب المشارق و المغارب) و (رب الناس)، أنشأهم و ربّاهم و يملكهم و يدبر امورهم قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّٰاسِ* مَلِكِ النّٰاسِ* إِلٰهِ النّٰاسِ فهو بالضرورة يحقّ له وحده، أن يشرّع للناس، فإنّ التشريع يحدّد من حريّة الإنسان بالضرورة، و لا يحقّ لأحد أن يحدّد من حريّة الآخرين، إلّا إذا كان يملك امورهم، و كان المدبّر المهيمن الحاكم عليهم و هو اللّه تعالى فقط، و لا يشاركه فيه أحد؛ فإنّ الخلق و التدبير و الهيمنة و الملك في نظر القرآن كل لا يتجزأ و لا يتعدّد، فلا ملك بالحقيقة و لا سلطان و لا هيمنة، و لا تدبير لغير اللّه تعالى في حياة الإنسان إلّا أن يكون بإذن اللّه و في امتداد سلطان اللّه و ملكه و هيمنته و تدبيره.
و توحيد الخلق و التدبير و الهيمنة و الملك يقتضي توحيد التشريع بالضرورة، فلا يحقّ لأحد أن يشرّع للآخرين إلّا بإذنه و أمره.
و الحكم حكمان و لا ثالث لهما:
فأمّا أن يكون الحكم للّه و بأمر اللّه فهو دين اللّه. و أمّا أن يكون لغير اللّه فهو من حكم الجاهلية. يقول تعالى: أَ فَحُكْمَ الْجٰاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّٰهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ[2].
و القرآن صريح في توحيد التشريع، يقول تعالى: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ الْكٰافِرُونَ[3]، وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمٰا أَنْزَلَ اللّٰهُ فَأُولٰئِكَ هُمُ