اسم الکتاب : الاجتهاد و التقليد و سلطات الفقيه و صلاحياته المؤلف : الشيخ محمد مهدي الآصفي الجزء : 1 صفحة : 130
أحدهما: الرعاية و التدبير و الاستصلاح. و الثاني: الملك. و بناء على كلّ منهما يستحق (الربّ) من المربوبين الحمد و الإنابة و الاستغفار و الطاعة و الاتباع و الانقياد و التسليم.
و لم يكن يشك أحد من المشركين في ربوبية اللّه تعالى، كما لم يشكّوا في أنّه تعالى هو الخالق، إلّا أنّهم كانوا يؤمنون بتوحيد الخالقية، أمّا الربوبية فكانوا يقولون فيها بالتعدد و التجزؤ و الشرك.
فكانوا يرون أنّ للملائكة و الجنّ و الأرواح و النجوم حظّا في تدبير الكون و الإنسان، و حظّا في رعاية حياة الإنسان و استصلاحه و استصلاح الكون. هذا فيما يتعلق بالشرك في المعنى الأوّل من معنيي (الرب)، و أمّا الشرك الذي كانوا يقترفونه في المعنى الثاني من معنيي (الرب) فهو في اعتبار الإنسان شريكا للّه تعالى في الملك.
و بذلك كانوا يرون الملوك و الحكام (الطغاة) الذين كانوا يملكون البلاد أنّهم أرباب هذه البلاد، و يحقّ لهم بموجب هذه الربوبية أن يعبدهم الناس و يطيعوهم و يتبعوهم و يتولوهم، و كان ملاك ذلك كلّه هو الملك.
فقد كان نمرود- طاغية عصر إبراهيم 7- يدّعي الربوبية، و كان السبب في هذه الدعوى هو (أن آتاه اللّه الملك). تأملوا في هذه الآيات المباركة: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرٰاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتٰاهُ اللّٰهُ الْمُلْكَ إِذْ قٰالَ إِبْرٰاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ ...[1].
و كان فرعون- طاغية عصر موسى 7- يدّعي الربوبية، يقول تعالى: