اسم الکتاب : الإمام الصادق عليه السلام المؤلف : الشيخ محمد حسين المظفر الجزء : 1 صفحة : 219
أتبعه حتّى مرّ بمريض فوضع الرغيفين و الرمّانتين بين يديه.
ثمّ سألته عن فعله فقال: لعلّك جعفر بن محمّد، قلت: بلى، فقال لي: و ما ينفعك شرف أصلك مع جهلك؟ فقلت: و ما الذي جهلت منه؟ قال: قول اللّه عزّ و جل «من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها و من جاء بالسيّئة فلا يجزى إلّا مثلها» [1] و إني لمّا سرقت الرغيفين كانت سيّئتين، و لمّا سرقت الرّمانتين كانت سيّئتين، فهذه أربع سيّئات فلما تصدّقت بكلّ واحدة منها كان لي أربعين حسنة، فانتقص من أربعين حسنة أربع سيّئات و بقي لي ستّ و ثلاثون حسنة، فقلت: ثكلتك امّك أنت الجاهل بكتاب اللّه، أ ما سمعت اللّه تعالى يقول «إنما يتقبّل اللّه من المتّقين» إنك لمّا سرقت رغيفين كانت سيّئتين، و لمّا سرقت رمّانتين كانت أيضا سيّئتين، و لمّا دفعتها الى غير صاحبها بغير أمر صاحبها كنت إنما أضفت أربع سيّئات الى أربع سيّئات، و لم تضف أربعين حسنة الى أربع سيّئات، فجعل يلاحظني فانصرفت و تركته.
قال الصادق 7: بمثل هذا التأويل القبيح المستكره يضلّون و يضلّون [2].
أقول: و ما اكثر أمثال هذا المتأوّل و لا غرابة بعد أن أعرضوا عن المنهل و استقوا من السراب.
و هذه شذرات من مناظرات الصادق 7 و محاججاته مع من تنكّب عن سبيل الهدى، و حاد عن سنن الحقّ، و هي قطرة من غيث، جئنا بها نموذجا من تلك الحياة العلميّة في الحجج و الأدلّة.