اسم الکتاب : إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار المؤلف : إدريس الجعيدي الجزء : 1 صفحة : 354
بالإذن لهم بالطلوع للقبة الكبيرة، لأنه ينبغي الاعتناء بهم كما ذكر، فأذن بذلك فطلعوا و طلع معهم جماعة من النسوة اللواتي كن جالسات في براح الدار، و أخذ كل واحد من المعلمين موضعه و أخذت النساء مواضعهن من تلك القبة، و صاروا يخدمون بتلك الآلات بنغم مستعذبة تشبه النغم التونسية، و صار خدمة هذه الدار يتواردون بموائد الحلواء و الثلج و الأشربة الطيبة الملونة، و يطوفون بذلك على الجالسين واحدا بعد واحد، ممن كانت له شهوة في شيء من تلك الأطعمة و الأشربة فأخذ منها ما أحب و من لم تكن له شهوة في شيء منها يشير لصاحب المائدة إشارة من لا غرض له فيها، فيمر و هكذا ضيافتهم و إكرامهم في هذه البلدة و في غيرها فيما شاهدناه في بعض بلاد الروم، و بقي أصحاب الطرب في تلك القبة نحو ساعتين و انفصل ذلك و خرجوا شاكرين إحسان الباشدور و جزيل إنعامه.
الفرجة التي أنشأت إكراما للباشدور و فرجة الطياطرو
و في ليلة الثلاثاء فاتح شعبان المعظم، أتى القونصوا بالأكداش و طلب من الباشدور التوجه هو و رفقاؤه إلى فرجة أنشأها المخزن إكراما و فرحا بقدومكم، فركبنا الأكداش و توجهت بنا إلى براح متسع قرب ذلك البرج الذي تقدم وصفه، فوجدنا هناك خلقا كثيرا و جماعات/ 303/ من أصحاب الموسيقا متفرقين كل جماعة في موضع، و كلما مررنا بجماعة منهم أو بقربهم اشتغلوا بخدمة الموسيقا إعلانا بالفرح و التعظيم، حتى قربنا من ذلك البرج المذكور، و وقفنا هناك فاشتغل أصحاب الموسيقا بخذمتها في كل موضع، و كانت عندهم قناديل كالحسك موضوعة في فرج بجدار ذاك البرج، في الجهة المقابلة لنا و في الاسطوانات الموصلة إلى داخل ذلك البرج، و في مواضع قدامها و كنا نرى ذلك المحل مظلما غاية، فحين وقفنا في ذلك المحل