اسم الکتاب : إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار المؤلف : إدريس الجعيدي الجزء : 1 صفحة : 335
مدينة عظيم الدولة، و ما بين هاتين المدينتين جله من جهة مضان، جبال شاهقة مرتفعة في الهواء تطاول السحاب طولا و تجاوزه وصولا و على رؤوسها من الثلج عمائم لا يزال حتى في أيام السمائم، فكان البابور يمر بنا في مواضع ضيقة بين تلك الجبال و قد شمخت بالفضاء و التوسعة في ذلك المجال، و تارة تعارضنا الجبال الشاهقة، فيمر البابور تحتها حتى لا يدري من الجهات الغاربة من الشارقة، فمنها ما يطول سيره تحتها نحو ثلاثين دقيقة، و منها ما هو أقل من ذلك، و تارة يتلاقى بابوران تحت تلك الجبال فيمر كل على طريقه/ 287/ فتحدث أصواتا مرهبة، و العربات تمر كالبرق باختلاف حركتيها بين مقبلة و مدبرة، و حين قربنا من مدينة طورين المذكورة، تركنا تلك الجبال وراءا و خرجنا إلى التوسعة و الفضاء، فوجدنا هناك بساتين و أنهارا و مزارع و أشجارا، و اتصل ذلك في الجهتين إلى أن وصلنا إلى تلك الديار.
الدخول إلى طورين
و كان وصولنا إليها أي مدينة طورين في الساعة الثامنة و خمسين دقيقة من يوم الأحد المذكور، و تلقى هناك للباشدور عامل تلك البلد و شيخها و الجلنار، بالفرح و البرور و التعظيم و السرور، و ذكروا أنهم مامورون من قبل أمير الدولة بالوقوف معه و البرور به و التوسعة عليه و على من معه و تنفيد جميع ما يحتاج إليه من الضروريات و المقضيات، اعتناء بجانب مولانا الشريف و اهتماما بشأنه المعظم، فجازاهم الباشدور عن ذلك بلين الكلام، ثم ركبنا في الأكداش و دخلنا البلدة المذكورة، أنزلونا بأوطيل معتبر، فيه فرش عديدة و كنابيس و شوالي من الموبر و الحرير، و كانت على أيدينا فيه قبب عديدة، كل قبة مخالفة للأخرى في الهيئة و الزخاريف و الفرش،
[1] مفردها السموم و هي الريح الحارة تهب أواسط فصل الصيف (المنجد).