اسم الکتاب : إتحاف الأخيار بغرائب الأخبار المؤلف : إدريس الجعيدي الجزء : 1 صفحة : 137
مبنية مرتفعة على سوار، فوقها تصاوير منها رجل عظيم الخلق، في أحد طرفي القبة خارجا عنها بيده شيء كالبوق و كأنه ينفخ فيه ملتفتا إلى يساره لناحية الجنوب، و آخر مثله ملتفت ببوقه في فيه، ماسكه بيده إلى ناحية الشمال، و بينهما صور ثيران باركة، نحو أربع صور في مواضع بقرب القبة أسفل هذه الصور،/ 51/ صور أسود عديدة كاشرة أنيابها كما تقدم تحت كل أسد صورة ثور. و الأسد إحدى يديه موضوعة على الثور و الأخرى على المحل الذي هو به، ثم رأينا صاحب السر المذكور حيث رأى تلك القبة و خروج الماء من أسفلها على تلك الصفة- خرج من الكدش قاصدا الصعود إلى تلك القبة، فتبعنا أثره فوجدنا لها معارج عن اليمين و اليسار، ابتداؤها معكوف كأنه نصف دائرة، سببه- و الله أعلم- هو ارتفاع القبة و ضيق المساحة التي بينها و بين الطريق الممرور عليه. فلولا انعكافها لكانت الدرج مرتفعة غير منبسطة و بانعكافها صارت منبسطة، فارتقينا فيها إلى القبة فأشرفنا على الماء الجاري الذي يخرج من تحتها و هو واد عظيم عريض غاية. و وجدنا هذه القبة من ناحية ذلك الوادي محملة على خمس سوار، و في رأس كل سارية صورة رأس آدمي فوق رأسه لحية حجر منجورة، كاللحية التي تكون/ 52/ فوق السارية التي يبنى عليها، و القبة مرفوعة فوق هذه الرؤوس التي تقدم لها هذا العذاب الأليم في دار الدنيا، فكيف بها بدار المقيم. و رأينا بحافتي النهر المذكور عراصي قابلنا منها من جهتنا أشجار متصل بعضها ببعض، مخضرة أوراقها كأنها هي الزرب، و منها إلى نواحي الطرق بمقدار ثلاثة أذرع كالسياج لكنه منحدر غاية، و قد غرس في ترابه من النوار المختلفة الألوان و الأشكال، كل لون في محل يناسبه. فتخاله كزربية بديعة التزويق في غاية التنميق، و الصبيان يمرون بها مع أمهاتهم، و لا ترى واحدا ينزع شيئا من تلك النوار، و إنما يتركون ذلك تحسينا للنظر و مصلحة للبصر. و بعض العراصي