responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعلام المهندسين في الاسلام المؤلف : احمد تيمور    الجزء : 1  صفحة : 30

فازداد الحاكم إليه شوقا، و سير إليه سرا جملة من المال و رغبه فى الحضور، فسار نحو مصر. و لما وصلها خرج الحاكم للقائه، و التقيا بقرية على باب القاهرة تعرف بالخندق، و أمر بإنزاله و إكرامه، فأقام ريثما استراح، و طالبه بما وعد به من أمر النيل. فسار و معه جماعة من الصناع المتولين للعمارة بأيديهم؛ ليستعين بهم على هندسته التى خطرت له.

و لما سار إلى الإقليم بطوله، و رأى آثار من تقدّم ما ساكنيه من الأمم الخالية، و هى على غاية من إحكام الصنعة و جودة الهندسة، و ما اشتملت عليه من أشكال سماوية و مثالات هندسية، و تصوير معجز، تحقق أنّ الذى يقصده ليس بممكن؛ فإنّ من تقدّمه لم يعزب عنهم علم ما علمه، و لو أمكن لفعلوا، فانكسرت همته و وقف خاطره.

و وصل إلى الموضع المعروف بالجنادل (الشلاّل) قبلى مدينة أسوان و هو موضع مرتفع ينحدر منه ماء النيل، فعاينه و باشره و اختبره من جانبيه، فوجد أمره لا يمشى على مراده، و تحقّق الخطأ فيما وعد به، و عاد خجلا منخذلا، و اعتذر بما قبل الحاكم ظاهره و وافقه عليه.

و ولاّه الحاكم بعض الدواوين فتولاها رهبة لا رغبة و تحقيق الغلط فى الولاية؛ فإن الحاكم كان كثير الاستحالة، مريقا للدماء بغير سبب أو بأضعف سبب من خيال يتخيّله، فأجال فكره فى أمر يتخلّص به فلم يجد طريقا إلى ذلك إلا إظهار الجنون و الخيال، فاعتمد ذلك و شاع عنه فأحيط على موجوده بين الحاكم و نوابه، و جعل برسمه من يخدمه و يقوم بمصالحة، و قيّد و ترك فى موضع من منزله و لم يزل على ذلك، إلى أن تحقق وفاة الحاكم، و بعد ذلك بيير أظهر العقل و عاد إلى ما كتن عليه، و خرج من داره و استوطن قبه على باب الجامع الأزهر، مشتغلا بالتتصنيف و الإفادة إلى أن مات بالقاهرة فى حدود سنة 340-أو بعدها بقليل.

اسم الکتاب : أعلام المهندسين في الاسلام المؤلف : احمد تيمور    الجزء : 1  صفحة : 30
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست