اسم الکتاب : نهاية الاصول المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 90
الحقيقي أو الزجر الحقيقي، فان الكلام اما أن يكون اخبارا، او انشاء، و
ما يكون موجودا في نفس المتكلم حين الاخبار هو العلم بالنسبة، و ما يكون موجودا في نفسه حين الانشاء هو الارادة، ان كان
الانشاء أمرا، و الكراهة ان كان نهيا; و لايمكن أن يكون المراد من المتكلم - الذي هو من صفات الله تعالي - العلم أو الارادة أو
الكراهة ; اذ المقصود اثبات التكلم له في قبال اثبات العلم و الارادة و الكراهة له تعالي . فما هو مدار كلام الاشاعرة و مختارهم هو
أن للمتكلم بالكلام اللفظي صفة قائمة بنفسه سوي العلم و الارادة و الكراهة نسميها بالكلام النفسي ، و يسمي طلبا حقيقيا في
خصوص الاوامر، و زجرا حقيقا في خصوص النواهي و يكون هذا الزجر الحقيقي منشاء للزجر الانشائي ، و ذاك الطلب الحقيقي
منشاء للطلب الانشائي ، وذلك الكلام النفسي منشاء الكلام اللفظي ، و قد قالوا:
"ان الكلام لفي الفؤاد و انما____ جعل اللسان علي الفؤاد دليلا"
و ما هو محط نظر المعتزلة نفي تلك الصفة النفسانية المغايرة للعلم و الارادة و الكراهة، بدعوي أن الموجود في أذهاننا عند
الاخبار هو صفة العلم فقط. و عند الامر أو النهي هو الارادة أو الكراهة فقط، و ليس في أذهاننا في قبال العلم و الارادة و الكراهة
شئ يسمي بالكلام النفسي أو الطلب الحقيقي أو الزجر الحقيقي .
و بالجملة : نزاع الفريقين انما هو في ثبوت صفة نفسانية في قبال العلم و الارادة و الكراهة، فالمعتزلة تنفيها وتقول : ان المنشأ
للكلام اللفظي ليس سوي العلم أو الارادة أو الكراهة، و الاشاعرة تثبتها و تقول : انها المنشأ للكلام اللفظي و الامر و النهي .
فاتضح بذلك أن النزاع بينهما لايكون لغويا: بأن ينازعوا في أن لفظي الطلب و الارادة هل يكونان مترادفين، أو يكون لكل منهما معني مغاير لمعني الاخر.
و لايكون أيضا مقصودهما من النزاع هو التفحص و الدقة في أن المفهوم الذي تصورناه اجمالا و
علمنا بالاجمال أنه الموضوع له للفظ الارادة هل هو عين ما تصورناه اجمالا و علمنا أنه الموضوع له للفظ الطلب أو مغاير له، بل
النزاع بينهما في ثبوت صفة نفسانية، فالاشاعرة يثبتون صفة نفسانية في قبال العلم و الارادة و الكراهة، تسمي هذه الصفة في باب
الاوامر طلبا; فتكون حقيقة الطلب - الذي هو صفة نفسانية - عندهم مغايرة لحقيقة الارادة التي هي أيضا صفة نفسانية . و أما
العدلية و المعتزلة فينكرون ثبوت تلك الصفة النفسانية، فيكون الطلب عندهم متحدا مع الارادة، لابمعني أن لنا طلبا و ارادة
يكونان من صفات النفس و قد اتحدا، بل بمعني أنه لاطلب لنا يكون من صفات النفس في قبال الارادة .
اسم الکتاب : نهاية الاصول المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 90