اسم الکتاب : نهاية الاصول المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 507
و اما الوجه الثاني : فقد اورد عليه في "الكفاية" بما حاصله : ان فائدة وجوب الانذار ليست منحصرة في وجوب الحذر تعبدا
لعدم وجود اطلاق في الاية يقتضي ذلك .
اقول : وجوب الحذر تعبدا بعض مصاديق وجوب الحذر المطلق و لا يحتمل في الاية كون غير الحذر غاية للانذار بعد النص
عليه في الاية فليست الاية من قبيل قوله : "و لا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله في ارحامهن"[1] حيث اجيب عن الاستدلال بها
لحجية الخبر بمنع انحصار الفائدة لحرمة الكتمان في قبول قولهن تعبدا، فان الغاية فيها مستنبطة غير منصوصة عليها و هذا بخلاف ما
نحن فيه .
و كيف كان : فيرد علي الوجه الثاني، ان المراد بوجوب الحذر ان كان وجوبه ظاهرا اي بما ان المنذر (بالفتح) جاهل بالحكم
الواقعي ففيه : ان ذلك مخالف لما يدل عليه سياق الاية من جهة كونها في مقام بيان الوسيلة لايصال الاحكام الواقعية .
و ان كان المراد وجوبه واقعا ففيه : انه لا معني لجعل الحكم الواقعي غاية للانذار، اذ يصير معني ذلك وجوب الانذار ليصير
الحذر واجبا واقعا و مجعولا في نفس الامر و هذا المعني فاسد جدا، فان الامر بالعكس حيث ان وجود الاحكام في نفس الامر و
وجوب العمل بها هو العلة لوجوب الانذار و التفقه و النفر، فبقي من الوجوه الثلاثة، الوجه الثالث مما ذكروها، فافهم و تدبر.
الاستدلال بايات آخري :
ثم انهم ذكروا في مقام الاستدلال علي حجية الخبر آيات اخري ايضا.
و الانصاف انه لا مجال للاستدلال بالايات في باب حجية الاخبار فيجب الغمض عنها، و لا تستبعد ما ذكرنا فان الاستدلال
بالايات حدث في كتب المتاخرين من الاصوليين و الكتب الاولية المصنفة في هذا الفن ليس فيها اثر من الاستدلال بالايات في
المقام و قد سئل "الشافعي" الذي هو اول من صنف كتابا في هذا الفن عن حجية الخبر فحكي وقائع و سننا ماثورة عن النبي 6
تستفاد منها حجية الخبر منها قضية تحويل القبلة و لم يتعرض للايات اصلا و لا محالة كانت الوقائع المحكية متواترة عنده و لو
اجمالا اذ لا مجال للاستدلال لحجية الخبر الواحد بخبر الواحد.