استدلوا بها أيضا لحرمة الانتفاع بالاعيان النجسة و المتنجسات غير القابلة للتطهير.
و في مصباح الفقاهة حكي عن بعض الاعاظم الاستدلال بالاية في المقام ثم رده بما لفظه : "ان المقصود من الخبائث كل ما
فيه مفسدة و رداءة ولو كان من الافعال المذمومة المعبر عنه في الفارسية بلفظ "پليد". و يدل علي ذلك اطلاق الخبيث علي
العمل القبيح في قوله - تعالي -: (و نجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث) . و يساعده العرف و اللغة . و اذن
فالاية ناظرة الي تحريم كل ما فيه مفسدة ولو من الاعمال القبيحة، فلا تعم شرب الابوال الطاهرة و نحوها مما تتنفر عنها
الطبائع ."[1]أقول : الظاهر أنه أراد بذلك أن المتبادر من لفظ الخبيث هو ما يكون بذاته رديا و قبيحا بأن يترتب عليه المفاسد و المضار،
و لا دخل لابتهاج الانسان بالشئ أو تنفره عنه، في حسنه أو قبحه و ردأته . فما لم يحرز كون شئ أو فعل قبيحا مشتملا علي
المفسدة لم يثبت حرمته، و ليس الشك في خباثة شئ من قبيل الشك في المحصل حتي يجب الاحتياط فيه . هذا.
و لكن يمكن أن يقال : ان الالفاظ الملقاة من ناحية الشرع المبين لا تحمل علي خصوص المصاديق المعهودة من قبل
الشرع . بل علي المطلق الشامل للمصاديق العرفية و الشرعية .
و المتبادر من لفظ الخبيث عند العرف كل ما يكون رديا قبيحا في طباعهم و فطرتهم من الاعيان القذرة المكروهة و الافعال
القبيحة المستبشعة المعبر عن جميع ذلك بالفارسية ب' "پليد". و هذا معني عام يشمل استعمال ما يتنفر عنه الطباع السليمة في
الاكل و الشرب اختيارا، و لا دليل علي اعتبار المفسدة في صدق الخبيث . ولو سلم اعتبار كون رداءة الشئ
[1] مصباح الفقاهة 38/1، و الاية المذكورة من سورة الانبياء (21)، رقمها 74.
اسم الکتاب : دراسات في المكاسب المحرمة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 226