اسم الکتاب : البدر الزاهر المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 191
التغرب عن الوطن و البعد عنه . فمن مربوطنه و لو آنا مافقد خرج عن موضوع المسافر حقيقة و صار مصداقا للحاضر، و لايشمله في هذا
الحال أدلة التقصير قطعا. و حينئذ فاذا خرج عن وطنه ثانيا يكون خروجه هذا انشاء لسفر جديد، لانقطاع السفر السابق حقيقة
بالحضور في الوطن، و لو فرض اطلاق المسافر عليه في هذا الحال فانما هو بنحو من العناية و اذا انقطع السفر اللاحق عن السابق
حقيقة و صارا فردين مستقلين للسفر كان لكل منهما حكمه، و المفروض قصور كل منهما عن مقدار المسافة، فلايثبت القصر
أصلا.
فهذا اجمالا مما لاشك فيه . و انما المهم بيان حقيقة الوطن و ما هو المراد منه، مع قطع النظر عما نسب الي المشهور من اثبات
الوطن الشرعي باقامة ستة أشهر، فانه أمر آخر و سياتي بيانه . و المقصود فعلا بيان ماقد يسمونه بالوطن العرفي .
فنقول : الظاهر أن انتزاع مفهوم الوطنية عن مكان ليس بلحاظ الاعتبارات و الحالات السابقة من كون المكان محلا لولادة
الشخص، أو مسكنا لابائه و أجداده، أو مقرا لابويه حين ولادته و نحو ذلك، و لابلحاظ الاعتبارات و الحالات اللاحقة، ككونه
عازما علي الاقامة فيه الي حين موته أو الي أمد بعيد. و بالجملة ليس انتزاع مفهوم الوطنية عن مكان بلحاظ الحالات و
الاضافات السابقة أو اللاحقة، بل هي مفهوم تحكي عن علقة و اضافة فعلية بين الشخص و المكان المخصوص بحسب الوضع
الفعلي لهذا الشخص، حيث ان كل شخص يختار بحسب طبعه و ميله بلدا من البلاد لاقامته و اقامة أهله و أولاده، و يوجد بينه و
بين هذا البلد علقة خاصة، بحيث لوخلي و طبعه يكون باقيا في هذا المكان و يكون خروجه منه أمرا طارئا ناشئا من المزعجات و
القواسر الطارئة و يرجع اليه بحسب طبعه بعدما ارتفع القواسر. فهذا البلد يسمي عرفا بالوطن .
و بعبارة أخري : الوطن عبارة عما هو المقر الفعلي للشخص بحسب وضعه
اسم الکتاب : البدر الزاهر المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 191