اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 97
هذه الحقيقة أيضا. و ذلك لان المعصية خروج عن المسار الذي رسمه الله . و في ضوء
التعريف السابق للعدالة، فان الله عزوجل عادل . و هو يفعل العدل في حكمه بين الناس :
(و أن الله ليس بظلا م للعبيد) .[1]
لصفة العدل أهمية تفوق سائر صفات الله، لسببين :
1 - أن كان كل شئ في الكون من فعل الله، و هو الذي يخلق أفعال الناس، فلماذا
يحاسبهم عليها؟ فما توجيه ما وعد به من شديد العذاب و ما علاقة ذلك بعدله ؟ و هل من
المعقول أن يجبر الله الناس علي الظلم والقبائح، و يخلقهم بالشكل الذي يجعلهم
يرتكبون هذه الاثام ثم يحاسبهم عليها؟.
2 - هناك تفاوت بين الناس لايمكن انكاره، من حيث تكوينهم الجسمي و من حيث
وضعهم المعاشي . فالبعض مصاب بعاهات جسدية و آخرون يعانون من آلام و مصاعب،
و قسم من الناس يموت مبكرا، والبعض يقع تحت تسلط الظلمة والجبابرة فلا يهناء في
حياته و لايتذوق طعم السعادة . فلماذا خلق الله هذه الحالات ؟ فكيف تجتمع العاهات
والشقاء والظلم مع العدل ؟ فلو كان هناك موجود آخر غير الله يخلق الشرور والقبائح
فذلك يستلزم الشرك و نسبة النقص الي الله، و ان كان الله تعالي هو الذي خلقها
وارتضاها فهذا لايتماشي مع عدله، و لابد أن يكون ناجما عن نقص فيه .
فهاتان القضيتان جعلتا صفة العدالة عند الله تختلف عن سائر صفاته، الامر الذي أدي
في النهاية الي وقوع جدل بين المسلمين حول عدل الله .
أما بالنسبة الي القضية الاولي : فلاشك في أن الله هو خالق كل شئ، و من ذلك أنه هو
خالق الانسان و فعل الانسان . فهو تعالي السبب الاساسي لكل حادثة و لكل موجود،
و لكن الناس لديهم أيضا قدرة علي التصميم والارادة، وهم يفعلون أفعالا حسنة أو قبيحة
بارادتهم ; و بذلك يسجلون لانفسهم بأيديهم مصيرا حسنا أو سيئا.
لقد خلق الله الانسان حرا و أودع فيه حرية الاختيار، لكي يختار بارادته الحق أو