اسم الکتاب : الاسلام دين الفطرة المؤلف : منتظري، حسينعلي الجزء : 1 صفحة : 49
هذه الاعمال بدافع العادة أو بقصد الخداع فستكون ذات تأثير سلبي ; أو لاتكون ذات أثر
ديني في النفس علي الاقل .
ان للتدين مراتب . والعباد ليسوا كلهم علي درجة واحدة من الرغبة والاستعداد.
فالبعض قد يصل الي درجات عليا من التدين علي أثر الاستعداد والمثابرة والمجاهدة .
والبعض الاخر قد لاينال مثل هذه الدرجات لسبب . و درجة تدين العباد يعلمها الله، و
لايحق لاحد أن يحاسبهم علي مرتبة تدينهم . و حتي لو كانت للتدين تجليات ظاهرية
فحقيقته باطنية، و لايحق لاحد تصنيف عباد الله وفقا لدرجات تدينهم .
هناك ملاحظة مهمة ينبغي الانتباه لها بشأن التدين، و هي أن وصف حقيقة التدين بأنه
شأن يتعلق بالنفس، قد يفهمه البعض أنه مجرد تطهير للنفس من الرذائل والقبائح، و أن
الظواهر والفرائض الدينية غير ذات أهمية . والتصور في هذه الرؤية هو أنه اذا كان المراد
من التدين التسليم لله والتقرب اليه، فان القلب منشغل علي الدوام بذكر الله و لاحاجة
لظواهر الشريعة، و أن التوجه الداخلي يكفي لتحقيق الغاية المنشودة من التدين .
نعم ! ان حقيقة التدين أمر داخلي ، و لكن ظواهر الشريعة جزء لايتجزاء من الدين، و
انما جعلت لاجل الحفاظ علي ذلك الجوهر. و كانت الغاية من ذلك أن تمتزج الصورة
الظاهرية للتدين بجوهره و حقيقته، و أن ينصب الاهتمام علي الاثنين معا; اذ لايتحقق
التدين بدونهما معا.
التدين هو الالتزام بجميع أحكام الدين . و أما التبعيض فيها و انتقاء البعض منها و
رفض الباقي فلا يعتبر من التدين . و قد وصف الله عزوجل هذه الظاهرة بالكفر، فقال في
كتابه الكريم : (ان الذين يكفرون بالله و رسله و يريدون ان يفرقوا بين الله و رسله
و يقولون نؤمن ببعض و نكفر ببعض و يريدون ان يتخذوا بين ذلك سبيلا اولئك هم
الكافرون حقا و اعتدنا للكافرين عذابا مهينا) .[1]