responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صلح الحسن المؤلف : الشيخ راضي آل ياسين    الجزء : 1  صفحة : 74

لها من انواع الكيد، و بما يتمتع به من وسائل القوة و الاستقرار في رقعته من بلاد الشام. و ما كان معاوية بالعدو الرخيص الذي يجوز للحسن عليه السلام، أن يتغاضى عن أمره، و لا بالذي يأمن غوائله لو تغاضى عنه.

و كان الحسن-في حقيقة الواقع-أحرص بشر على سحق معاوية و الكيل له بما يستحق، لو أنه وجد الى ذلك سبيلا من ظروفه.

و اما في «الداخل» فقد كان أشد ما يسترعي اهتمام الامام عليه السلام موقف المعارضة المركزة، القريبة منه مكانا، و البعيدة عنه روحا و معنى و أهدافا.

و لقد عزّ عليه أن يكون بين ظهراني عاصمته، ناس من هؤلاء الناس، الذين استأسدت فيهم الغرائز، و أسرفت عليهم المطامع، و تفرقت بهم المذاهب، و أصبحوا لا يعرفون للوفاء معنى، و لا للدين ذمة، و لا للجوار حقا. نشزوا بأخلاقهم، فاذا بهم آلة مسخرة للانتقاض و الغدر و الفساد، ينعقون مع كل ناعق و يهيمون في كل واد. و لا يكاد يلتئم معهم ميدان سياسة و لا ميدان حرب. و حسبك من هذا مثار قلق و مظنة شغب و باعث مخاوف مختلفات.

و هكذا كان للعراق-منذ القديم-قابلية غير عادية لهضم المبادئ المختلفة و الانتفاضات الثورية العاتية باختلاف المناسبات.

و للحسن في موقفه الممتحن من هذه الظروف، عبقرياته التي كانت على الدوام بشائر ظفر لامع، لو لا ما فوجئ به من نكسات مروعات كانت تنزل على موقفه كما ينزل القضاء من السماء.

و تنبأ لكثير من الحوادث قبل وقوعها، و كان يمنعه الاحتياط للوضع، من الاصحار بنبوءته، فيلمح إليها الماحا. و على هذا النسق جاءت كلمته اللبقة الغامضة، التي اقتبسها من الآي الكريم، و التي قصد لها الغموض عن ارادة و عمد، و هي قوله في خطبته الاولى-يوم البيعة-: «اني أرى ما لا ترون» .

اسم الکتاب : صلح الحسن المؤلف : الشيخ راضي آل ياسين    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست