و كانوا طائفة من سكان الكوفة و من رعاعها المهزومين، الذين لا نية لهم في خير و لا قدرة لهم على شر، و لكن وجودهم لنفسه كان شرا مستطيرا و عونا على الفساد و آلة «مسخرة» في أيدي المفسدين.
4 الحمراء:
و هم عشرون الفا من مسلحة الكوفة (كما يحصيهم الطبرى في تاريخه) . كانوا عند تقسيم الكوفة في السبع الذي وضع فيه أحلافهم من بني عبد القيس، و ليسوا منهم، بل ليسوا عربا، و انما هم المهجّنون من موال و عبيد، و لعل اكثرهم من أبناء السبايا الفارسيات اللائي اخذن في «عين التمر» و «جلولاء» من سنة 12-17 فهم حملة السلاح سنة 41 و سنة 61 في ازمات الحسن و الحسين (عليهما السلام) في الكوفة (فتأمل) .
و الحمراء شرطة زياد الذين فعلوا الافاعيل بالشيعة سنة 51 و حواليها، و كانوا من اولئك الذين يحسنون الخدمة حين يغريهم السوم، فهم على الاكثر أجناد المتغلبين و سيوف الجبابرة المنتصرين.
و قويت شوكتهم بما استجابوا له من وقائع و فتن في مختلف الميادين التي مرّ عليها تاريخ الكوفة مع القرن الاول. و بلغ من استفحال امرهم في الكوفة أن نسبوها إليهم فقالوا «كوفة الحمراء» .
و كان في البصرة مثل ما في الكوفة من هؤلاء المهجّنين الحمر. و خشي زياد (و كان والي البصرة اذ ذاك) قوّتهم فحاول استئصالهم، و لكن الاحنف بن قيس منعه عما أراد.
و وهم بعض كتّاب العصر، اذ نسب هؤلاء الى التشيع، أبعد ما يكونون عنه آثارا و نكالا بالشيعيين و أئمتهم. و لا ننكر ان يكون فيهم أفراد رأوا التشيّع، و لكن القليل لا يقاس عليه.