وجه الاموية قوة و معنوية و انطباقا صريحا على وجهة النظر الاسلامي في الرأي العام.
و أفاد-الى ذلك-من مزالق الشاب المأخوذ بالقرود و الخمور «خليفة معاوية» ، فكانت كلها عوامل تتصرف معه في تنفيذ أهدافه.
و كانت ظروفه من أعدائه و ظروفه من أصدقائه تتفقان معا على تأييد حركته، و انجاز مهمته، و الاخذ به الى النصر المجنح الذي فاز به في اللّه و في التاريخ.
أما الحسن فقد أعيته-كما بينا سابقا-ظروفه من أصدقائه فحالت بينه و بين الشهادة، و ظروفه من أعدائه فحالت بينه و بين مناجزتهم الحرب التي كان معناها الحكم على مبادئه «بالاعدام» .
لذلك رأى لزاما ان يطوّر طريقة جهاده، و ان يفتتح ميدانه من طريق الصلح.
و ما كانت الالغام التي وضعها الحسن في الشروط التي اخذها على معاوية الاّ وسائله الدقيقة التي حكمت على معاوية و حزبه بالفشل الذريع في التاريخ.
و من الصعب حقا أن نميز-بعد هذا-أي الاخوين عليهما السلام كان أكبر أثرا في جهاده، و أشد نفوذا الى أهدافه، و أبعد امعانا في النكاية بأعدائه.
و لم يبق مخفيا أن تاريخ نكبات أمية بعد عملية الحسن في الصلح كان متصلا بالحسن، مرهونا بخططه، خاضعا لتوجيهه. و أن حادثا واحدا من أحداث تلك النكبات لم يكن ليقع كما وقع، لو لا هذه العملية الناجحة التي كان من طبيعة ظروفها أن تستأثر بالنجاح، و كان من طبيعة خصومها أن يكونوا أعوانا على نجاحها من حيث يشعرون أو لا يشعرون.